أحدهما أن نقول
: ان ترك ظاهر من الكلام ليسلم ظاهر آخر له كترك
ظاهر ذاك ليسلم هذا ، وأنتم إذا حملتم الامر على الوجوب ههنا تركتم تعلق العطاء
بوقت الحصاد ، ونحن إذا حملنا الامر على الندب سلم لنا ظاهر تعلق العطاء بوقت
الحصاد ، وليس أحد هذين الامرين الا كصاحبه. وأنتم المستدلون بالآية فخرجت
من أن تكون دليلا لكم.
والطريق الاخر
ـ انا لو قلنا بوجوب هذا العطاء في وقت الحصاد ، فإن لم
يكن مقدرا بل موكولا إلى اختيار المعطي لم نقل بعيدا من الصواب [١].
فان تعلق
مخالفنا بقوله تعالى ( أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم
من الأرض )[٢] ان المراد بالنفقة ههنا الصدقة ، بدلالة قوله
تعالى ( والذين يكنزون
الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله )[٣] يعني لا يخرجون زكاتها.
فالجواب عن ذلك
أن اسم النفقة لا يجري على الزكاة الا مجازا ، ولا يعقل من
اطلاق لفظ الانفاق الا ما كان من المباحات وما جرى مجراها. ثم لو سلمنا ظاهر
العموم لجاز تخصيصه ببعض الأدلة التي ذكرناها.
(
فصل )
وقوله
تعالى ( خذ من أموالهم صدقة
تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم )[٤].
أمر من الله
لنبيه عليهالسلام أن يأخذ من المالكين النصاب : الإبل إذا بلغت خمسا ،
والبقر إذا بلغت ثلاثين ، والغنم إذا بلغت أربعين ، والورق إذا بلغ مائتين ،
[١] أي يجوز ان
نلتزم ان اخراج بعض الزرع واجب بمقتضى الآية ، الا أن صاحبه
مخير ان شاء اعطى القليل وان شاء اعطى الكثير (
هـ ج ).