فان قيل : كيف
يصح ذلك ولم أمرهم الله بايتاء الزكاة ولم تكن الزكاة
فرضت بمكة.
قلنا : انما
قال الله ذلك وأمر بها على وجه الاستحباب والندب دون الزكاة
المقدرة على وجه مخصوص.
وقيل الآية
نزلت في اليهود ، نهى الله هذه الأمة أن يصنعوا مثل صنيعهم.
على أن العقل
دال على حسن الاحسان والانفاق ، فجائز أن يعلم الكافر حسنه ،
غير أنه ـ وان علم ذلك ـ لا يقع منه على وجه يكون طاعة ، لأنه لو أوقعها على
ذلك الوجه لا يستحق الثواب ، وهذا لا يجوز. فبين الله في الآية الأولى أنه لا يثيب
من فعل الخيرات إذا كان كافرا.
(
فصل )
وقوله ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق ) إلى قوله ( وآتى المال
على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام
الصلاة وآتى الزكاة )[١].
لا خلاف أن هذه
الآية تدل على وجوب اعطاء الزكاة ، وتدل أيضا في قول
الشعبي والجبائي على وجوب غيره مما له سبب وجوب ، كالانفاق على من يجب
عليه نفقته وعلى من يجب عليه سد رمقه إذا خاف التلف ، وعلى ما يلزمه من
النذر والكفارات. ويدخل أيضا فيها ما يخرجه الانسان على وجه التطوع والقربة
إليه تعالى ، لان ذلك كله من البر.
ومعنى قوله ( ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ) أي
ليس الدين والخير الصلاة وحدها ، لكنه الصلاة مع العبادات الاخر المذكورة.