ثم قال ( فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ) معناه إذا استيقنتم بزوال الخوف من
عدوكم وحدوث الامن لكم فأتموا الصلاة بحدودها غير قاصريها عن شئ من
الركوع والسجود ، وان كنتم صليتم ايماءا بعضها. وهذا أقوى من قول من قال :
معناه إذا استقررتم في أوطانكم فأتموها التي أذن لكم في قصرها في حال خوفكم
وسفركم ، لأنه قال ( وإذا كنت فيهم ) ، فلما قال ( فإذا اطمأننتم ) كان معلوما انه تعالى
يريد إذا اطمأننتم من الحال التي لم تكونوا فيها مقيمين صلاتكم فأقيموها مع حدودها
قاصرين لها.
(
فصل )
وقوله
تعالى ( فان خفتم فرجالا أو
ركبانا )[١] يدل على ما ذكرناه من صلاة
شدة الخوف ، لان معناه ان خفتم فصلوا على أرجلكم ، لان الراجل هو الكائن على
رجله ـ واقفا كان أو ماشيا.
والخائف ان صلى
منفردا صلاة شدة الخوف الذي نقوله انه يصلي ركعتين
يومئ ايماءا ويكون سجوده أخفض من ركوعه ، وان لم يتمكن كبر عن كل ركعة
تكبيرة على ما ذكرناه. وهكذا صلاة شدة الخوف إذا صلوها جماعة ، والى هذا
ذهب الضحاك وإبراهيم النخعي.
وروي أن أمير
المؤمنين عليهالسلام صلى ليلة الهرير ويومه خمس صلوات
بالايماء وقيل بالتكبير [٢] ، وان النبي صلىاللهعليهوآله صلى يوم الأحزاب ايماءا.
وقال الحسن
وقتادة وابن زيد : يجوز أن يصلي الخائف ماشيا. وقال أهل
العراق : لا يجوز لان المشي عمل. والأول أصح لأنه تعالى قال ( ما جعل عليكم
في الدين من حرج )[٣].