خلق الله الإنسان مفطوراً على النطق ، وجعل اللسان
آلة ينطق بها ولكن مع ذلك يحتاج إلى ما يقوم [١] نطقه ويصلحه ليكون
كلامه على طبق اللغة التي يتعلمها ، من ناحية هيئات الألفاظ وموادها : فيحتاج أولاً
إلى المدرب الذي يعوِّده على ممارستها ، وثانياً إلى قانون يرجع إليه يعصم لسانه عن
الخطأ. وذلك هو النحو والصرف.
وكذلك خلق الله الإنسان مفطوراً على التفكير بما منحه
من قوة عاقلة مفكرة ، لا كالعجماوات. ولكن مع ذلك نجده كثير الخطأ في أفكاره : فيحسب
ما ليس بعلة علة ، وما ليس بنتيجة لأفكاره نتيجة ، وما ليس ببرهان برهانا ، وقد يعتقد
بأمر فاسد أو صحيح من مقدمات فاسدة وهكذا. فهو إذن بحاجة إلى ما يصحح أفكاره ويرشده
إلى طريق الاستنتاج الصحيح ، ويدرِّبه على تنظيم أفكاره وتعديلها.
وقد ذكروا أن (علم المنطق) هو الأداة التي يستعين
بها الإنسان على العصمة من الخطأ ، وترشده إلى تصحيح أفكاره ، فكما أن النحو والصرف