هذا الارتباط زاد الانتقال ، ولذا نرى اختلاف
القبح في الألفاظ المعبر بها عن المعاني القبيحة ، نحو التعابير عن عورة الإنسان ،
فكثير الاستعمال أقبح من قليلة. والكناية أقل قبحاً. بل قد لا يكون فيها قبح كما كني
القرآن الكريم بالفروج.
وكذا رصانة [١] التعبير وعذوبته يعطي
جمالاً في المعنى لا نجده في التعبير الركيك الجافي ، فيفضي جمال اللفظ على المعنى
جمالاً وعذوبة.
الرابع ـ (الوجود الكتبي). شرحه : إن الألفاظ
وحدها لا تكفي للقيام بحاجات الإنسان كلها ، لأنها تختص بالمشافهين. أما الغائبون والذين
سيوجدون ، فلابد لهم من وسيلة أخرى لتفهيمهم ، فالتجأ الإنسان أن يصنع النقوش الخطية
لإحضار ألفاظه الدالة على المعاني ، بدلاً من النطق بها ، فكان الخط وجوداً للفظ. وقد
سبق أن قلنا أن اللفظ وجود المعنى ، فلذا نقول : «أن وجود الخط وجود للفظ ووجود للمعنى تبعاً». ولكنه وجود كتبي للفظ
والمعنى ، أي أن الموجود حقيقة هو الكتابة لا غير ، وينسب الوجود إلى اللفظ والمعنى
مجازاً بسبب الوضع ، كما ينسب وجود اللفظ إلى المعنى مجازاً بسبب الوضع.
إذن الكتابة تحضر الألفاظ ، والألفاظ تحضر المعاني
في الذهن ، والمعاني الذهنية تدل على الموجودات الخارجية.
فاتضح أن الوجود اللفظي والكتبي (وجودان مجازيان اعتباريان
للمعنى) بسبب الوضع والاستعمال.
النتيجة :
لقد سمعت هذا البيان المطول وغرضنا أن نفهم منه الوجود
اللفظي ،
[١] في المعجم الوسيط : رصن رصانة : ثبت واستحكم.
وـ رزن. يقال : كلام رصين ورأي رصين. ورزن الشئ : كان رزينا ، أي : ثقيلا ذا وزن.