نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 9 صفحه : 249
فلا يزال أهل ذلك المقتول و أقاربه يتطلبون القاتل ليقتلوه حتى يدركوا ثارهم منه فإن لم يظفروا به قتلوا بعض أقاربه و أهله فإن لم يظفروا بأحدهم قتلوا واحدا أو جماعة من تلك القبيلة به و إن لم يكونوا رهطه الأدنين و الإسلام لم يحل طبائعهم و لا غير هذه السجية المركوزة في أخلاقهم و الغرائز بحالها فكيف يتوهم لبيب أن هذا العاقل الكامل وتر العرب و على الخصوص قريشا و ساعده على سفك الدماء و إزهاق الأنفس و تقلد الضغائن 1ابن عمه الأدنى و صهره و هو يعلم أنه سيموت كما يموت الناس و يتركه بعده و عنده ابنته و له منها ابنان يجريان عنده مجرى ابنين من ظهره حنوا عليهما و محبة لهما و يعدل عنه في الأمر بعده و لا ينص عليه و لا يستخلفه فيحقن دمه و دم بنيه و أهله باستخلافه أ لا يعلم هذا العاقل الكامل أنه إذا تركه و ترك بنيه و أهله سوقة و رعية فقد عرض دماءهم للإراقة بعده بل يكون هو ع هو الذي قتله و أشاط [1] بدمائهم لأنهم لا يعتصمون بعده بأمر يحميهم و إنما يكونون مضغة للأكل و فريسة للمفترس يتخطفهم الناس و تبلغ فيهم الأغراض فأما إذا جعل السلطان فيهم و الأمر إليهم فإنه يكون قد عصمهم و حقن دماءهم بالرئاسة التي يصولون بها و يرتدع الناس عنهم لأجلها و مثل هذا معلوم بالتجربة أ لا ترى أن ملك بغداد أو غيرها من البلاد لو قتل الناس و وترهم و أبقى في نفوسهم الأحقاد العظيمة عليه ثم أهمل أمر ولده و ذريته من بعده و فسح للناس أن يقيموا ملكا من عرضهم و واحدا منهم و جعل بنيه سوقة كبعض العامة لكان بنوه بعده قليلا بقاؤهم سريعا هلاكهم و لوثب عليهم الناس ذوو الأحقاد و الترات من كل جهة يقتلونهم و يشردونهم كل مشرد و لو أنه عين ولدا من أولاده للملك و قام خواصه و خدمه و خوله بأمره بعده لحقنت دماء أهل