نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 9 صفحه : 184
و أما طيرانها من غير ريش فإنه ليس بذلك الطيران الشديد و إنما هو نهوض و خفة أفادها الله تعالى إياه بواسطة الطبيعة و التصاق الولد بها لأنها تضمه إليها بالطبع و ينضم إليها كذلك و تستعين على ضمه برجليها و بقصر المسافة و جملة الأمر أنه تعجب من عجيب و في الأحاديث العامية قيل للخفاش لما ذا لا جناح لك قال لأني تصوير مخلوق قيل فلما ذا لا تخرج نهارا قال حياء من الطيور يعنون أن المسيح ع صوره و أن إليه الإشارة بقوله تعالى وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ اَلطِّينِ كَهَيْئَةِ اَلطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهََا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي [1] .
و في الطير عجائب و غرائب لا تهتدي العقول إليها و يقال إن ضربين من الحيوان أصمان لا يسمعان و هما النعام و الأفاعي .
و تقول العرب إن الظليم يسمع بعينه و أنفه لا يحتاج معهما إلى حاسة أخرى و الكراكي يجمعها أمير لها كيعسوب النحل و لا يجمعها إلا أزواجا و العصافير آلفة للناس آنسة بهم لا تسكن دارا حتى يسكنها إنسان و متى سكنتها لم تقم فيها إذا خرج الإنسان منها فبفراقه تفارق و بسكناه تسكن و يذكر أهل البصرة أنه إذا كان زمن الخروج إلى البساتين لم يبق في البصرة عصفور إلا خرج إليها إلا ما أقام على بيضه و فراخه و قد يدرب العصفور فيستجيب من المكان البعيد و يرجع .
و قال شيخنا أبو عثمان بلغني أنه درب فيرجع من ميل و ليس في الأرض رأس أشبه برأس الحية من رأس العصفور و ليس في الحيوان الذي يعايش الناس أقصر عمرا منه قيل لأجل السفاد الذي يستكثر منه و يتميز الذكر من الأنثى في العصافير تميز الديك