نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 9 صفحه : 150
فيدركها به و ذلك لما قدمناه من أنه حي لذاته لا بمعنى فلا يحتاج إلى آلة و أداة و وصلة تكون كالواسطة بينه و بين المدركات (1) - .
و عاشرها أنه الشاهد لا بمماسة و ذلك لأن الشاهد منا هو الحاضر بجسمه عند المشهود أ لا ترى أن من في الصين لا يكون شاهدا من في المغرب لأن الحضور الجسماني يفتقر إلى القرب و القرب من لوازم الجسمية فما ليس بجسم و هو عالم بكل شيء يكون شاهدا من غير قرب و لا مماسة و لا أين مطلوب (2) - .
و حادي عشرها أنه البائن لا بتراخي مسافة بينونة المفارق عن المادة بينونة ليست أينية لأنه لا نسبة لأحدهما إلى الآخر بالجهة فلا جرم كان البارئ تعالى مباينا عن العالم لا بمسافة بين الذاتين (3) - .
و ثاني عشرها أنه الظاهر لا برؤية و الباطن لا بلطافة و ذلك لأن الظاهر من الأجسام ما كان مرئيا بالبصر و الباطن منها ما كان لطيفا جدا إما لصغره أو لشفافيته و البارئ تعالى ظاهر للبصائر لا للأبصار باطن أي غير مدرك بالحواس لأن ذاته لا تقبل المدركية إلا من حيث كان لطيف الحجم أو شفاف الجرم (4) - .
و ثالث عشرها أنه قال بان من الأشياء بالقهر لها و القدرة عليها و بانت الأشياء منه [1] بالخضوع له و الرجوع إليه هذا هو معنى قول المتكلمين و الحكماء و الفرق بينه و بين الموجودات كلها أنه واجب الوجود لذاته و الأشياء كلها ممكنة الوجود [2] بذواتها فكلها محتاجة إليه لأنها لا وجود لها إلا به و هذا هو معنى خضوعها له و رجوعها إليه و هو سبحانه غني عن كل شيء و مؤثر في كل شيء إما بنفسه أو بأن يكون مؤثرا فيما هو مؤثر في ذلك الشيء كأفعالنا فإنه يؤثر فينا و نحن نؤثر فيها فإذا هو قاهر لكل شيء و قادر على كل شيء فهذه هي البينونة بينه و بين الأشياء كلها .