نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 9 صفحه : 131
العارفين الذين تقدم ذكرهم في الفصل السابق ذكره يقول حتى إذا ألقى هؤلاء السلام إلى هذه الفئة عجزا عن القتال و استراحوا من منابذتهم بدخولهم في ضلالتهم و فتنتهم إما تقية [1] منهم أو لشبهة دخلت عليهم أنهض الله تعالى هؤلاء العارفين الشجعان الذين خصهم بحكمته و أطلعهم على أسرار ملكوته فنهضوا و لم يمنوا على الله تعالى بصبرهم و لم يستعظموا أن يبذلوا في الحق نفوسهم قال حتى إذا وافق قضاء الله تعالى و قدره كي ينهض هؤلاء بقضاء الله و قدره في انقضاء مدة تلك الفئة و ارتفاع ما كان شمل الخلق من البلاء بملكها و إمرتها حمل هؤلاء العارفون بصائرهم على أسيافهم و هذا معنى لطيف يعني أنهم أظهروا بصائرهم و عقائدهم و قلوبهم للناس و كشفوها و جردوها من أجفانها مع تجريد السيوف من أجفانها فكأنها شيء محمول على السيوف يبصره من يبصر السيوف و لا ريب أن السيوف المجردة من أجلى الأجسام للأبصار فكذلك ما يكون محمولا عليها و من الناس من فسر هذا الكلام فقال أراد بالبصائر جمع بصيرة و هو الدم فكأنه أراد طلبوا ثأرهم و الدماء التي سفكتها هذه الفئة و كأن تلك الدماء المطلوب ثأرها محمولة على أسيافهم التي جردوها للحرب و هذا اللفظ قد قاله بعض الشعراء المتقدمين بعينه
راحوا بصائرهم على أكتافهم # و بصيرتي يعدو بها عتد وأى [2] .
و فسره أبو عمرو بن العلاء فقال يريد أنهم تركوا دم أبيهم و جعلوه خلفهم أي لم يثأروا به و أنا طلبت ثأري و كان أبو عبيدة معمر بن المثنى يقول في هذا البيت البصيرة الترس أو الدرع و يرويه حملوا بصائرهم
[1] كذا في ج، و في ا، ب: «بقية» ، و في د: «بفئة» .
[2] البيت في الصحاح 2: 592، و نسبه إلى الأسعر الجعفى، و هو أيضا في اللسان 5: 133.
غ
نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 9 صفحه : 131