نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 7 صفحه : 206
فإن قلت ما هذا الكنه الذي خفي عن الملائكة حتى قال لو عاينوه لحقروا عبادتهم و لعلموا أنهم قد قصروا فيها قلت إن علوم الملائكة بالبارئ تعالى نظرية كعلوم البشر و العلوم النظرية دون العلوم الضرورية في الجلاء و الوضوح 1فأمير المؤمنين ع يقول لو كانت علومهم بك و بصفاتك إثباتية و السلبية و الإضافية ضرورية عوض علومهم هذه المتحققة الآن التي هي نظرية و لا نكشف لهم ما ليس الآن على حد ذلك الكشف و الوضوح و لا شبهة أن العبادة و الخدمة على قدر المعرفة بالمعبود فكلما كان العابد به أعرف كانت عبادته له أعظم و لا شبهة أن العظيم عند الأعظم حقير (1) - .
فإن قلت فما معنى قوله و استجماع أهوائهم فيك و هل للملائكة هوى و هل تستعمل الأهواء إلا في الباطل قلت الهوى الحب و ميل النفس و قد يكون في باطل و حق و إنما يحمل على أحدهما بالقرينة و الأهواء تستعمل فيهما و معنى استجماع أهوائهم فيه أن دواعيهم إلى طاعته و خدمته لا تنازعها الصوارف و كانت مجتمعة مائلة إلى شق واحد (2) - .
فإن قلت الباء في قوله بحسن بلائك بما ذا تتعلق قلت الباء هاهنا للتعليل بمعنى اللام كقوله تعالى ذََلِكَ بِأَنَّهُمْ كََانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ[1] أي لأنهم فتكون متعلقة بما في سبحانك من معنى الفعل أي أسبحك لحسن بلائك و يجوز أن تتعلق بمعبود أي يعبد لذلك (3) - .
ثم قال خلقت دارا يعني الجنة (4) - و المأدبة و المأدبة بفتح الدال و ضمها الطعام الذي يدعى الإنسان إليه أدب زيد القوم يأدبهم بالكسر أي دعاهم إلى طعامه و الآدب الداعي إلى طعامه قال طرفة