نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 5 صفحه : 11
و جليلها تجيب على أثر السؤال من غير توقف و لا استعانة بشيء من الأشياء إلا أنها كانت تلتمس أن ترى الذي يسأل عنه أبوها أو يسمعه في بعض الأوقات دون بعض و عند قوم دون قوم فيتصور في أمرها أن الذي تقوله بإشارة من أبيها و كان الذي تقوله يبلغ من الكثرة إلى ما يزيد على عشرين كلمة إذا قيل بصريح الكلام الذي هو الطريق الأخصر و إنما كان أبوها يقول إذا رأى ما يراه من أشياء كثيرة مختلفة الأنواع و الأشكال في مدة واحدة كلمة واحدة و أقصاه كلمتان و هي التي يكررها في كل قول و مع كل ما يسمع و يرى سلها و سلها تخبرك أو قولي له أو قولي يا صغيرة .
قال أبو البركات و لقد عاندته يوما و حاققته في ألا يتكلم البتة و أريته عدة أشياء فقال لفظة واحدة فقلت له الشرط أملك [1] فاغتاظ و احتد طيشه عن أن يملك نفسه فباح بخبيئته قال و مثلك يظن أنني أشرت إلى هذا كله بهذه اللفظة فاسمع الآن ثم التفت إليها و أخذ يشير بإصبعه إلى شيء و هو يقول تلك الكلمة و هي تقول هذا كذا و هذا كذا على الاتصال من غير توقف و هو يقول تلك الكلمة لا زيادة عليها و هي لفظة واحدة بلحن واحد و هيئة واحدة حتى ضجرنا و اشتد تعجبنا و رأينا أن هذه الإشارة لو كانت تتضمن هذه الأشياء لكانت أعجب من كل ما تقوله العمياء .
قال أبو البركات و من عجيب ما شاهدناه من أمرها أن أباها كان يغلط في شيء يعتقده على خلاف ما هو به فتخبر هي عنه على معتقد أبيها كان نفسها هي نفسه .
قال أبو البركات و رأيناها تقول ما لا يعلمه أبوها من خبيئة في الخبيئة التي اطلع عليها أبوها فكانت تطلع على ما قد علمه أبوها و على ما لم يعلمه أبوها و هذا أعجب و أعجب .
[1] من المثل: الشرط أملك؛ عليك أم لك؛ أى أن الشرط يملك صاحبه في إلزامه إياه المشروط؛ إن كان له أو عليه.
نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 5 صفحه : 11