نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 3 صفحه : 228
و قال برغوث و طائفة منهم يقولون هو الفضاء نفسه و هو جسم تحل الأشياء فيه و ليس بذي غاية و لا نهاية و احتجوا بقوله تعالى وَ جََاهِدُوا فِي اَللََّهِ حَقَّ جِهََادِهِ [1] .
فأما من قال إنه جسم لا كالأجسام على معنى أنه بخلاف العرض الذي يستحيل أن يتوهم منه فعل و نفوا عنه معنى الجسمية و إنما أطلقوا هذه اللفظة لمعنى أنه شيء لا كالأشياء و ذات لا كالذوات فأمرهم سهل لأن خلافهم في العبارة و هم علي بن منصور و السكاك و يونس بن عبد الرحمن و الفضل بن شاذان و كل هؤلاء من قدماء رجال الشيعة و قد قال بهذا القول ابن كرام و أصحابه قالوا معنى قولنا فيه سبحانه أنه جسم أنه قائم بذاته لا بغيره .
و المتعصبون لهشام بن الحكم من الشيعة في وقتنا هذا يزعمون أنه لم يقل بالتجسيم المعنوي و إنما قال إنه جسم لا كالأجسام بالمعنى الذي ذكرناه عن يونس و السكاك و غيرهما و إن كان الحسن بن موسى النوبختي و هو من فضلاء الشيعة قد روي عنه التجسيم المحض في كتاب الآراء و الديانات .
النوع الثاني نفي الأعضاء و الجوارح عنه سبحانه فالذي يذهب إليه المعتزلة و سائر المحققين من المتكلمين نفي ذلك عنه و قد تأولوا ما ورد في القرآن العزيز من ذلك من نحو قوله تعالى لِمََا خَلَقْتُ بِيَدَيَ [2] و قوله سبحانه عَلىََ مََا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اَللََّهِ [3] و غير ذلك و حملوه على وجوه صحيحة جائزة في اللغة العربية .
و أطلقت الكرامية عليه سبحانه لفظ اليدين و الوجه و قالوا لا نتجاوز الإطلاق