فسكت عمرو حتى تفرقوا ثم قال و الله يا أمير المؤمنين لأنت أكرم علي من ذلك و لكني علمت أن بالباب من يبلغ الناس قول كل رجل منا فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي فأقود إليك خيرا و أدفع عنك شرا .
فرد عثمان عماله إلى أعمالهم و أمرهم بتجهيز الناس في البعوث و عزم على أن يحرمهم أعطياتهم ليطيعوه و رد سعيد بن العاص إلى الكوفة فتلقاه أهلها بالجرعة [2] و كانوا قد كرهوا إمارته و ذموا سيرته فقالوا له ارجع إلى صاحبك فلا حاجة لنا فيك فهم بأن يمضي لوجهه و لا يرجع فكثر الناس عليه فقال له قائل ما هذا أ ترد السيل عن إدراجه و الله لا يسكن الغوغاء إلا المشرفية [3] و يوشك أن تنتضى بعد اليوم ثم يتمنون ما هم اليوم فيه فلا يرد عليهم فارجع إلى المدينة فإن الكوفة ليست لك بدار .
فرجع إلى عثمان فأخبره بما فعلوا فأنفذ أبا موسى الأشعري أميرا على الكوفة و كتب إليهم أما بعد فقد أرسلت إليكم أبا موسى الأشعري أميرا و أعفيتكم من سعيد و و الله لأفوضنكم عرضي و لأبذلن لكم صبري و لأستصلحنكم جهدي فلا تدعوا شيئا أحببتموه لا يعصى الله فيه إلا سألتموه و لا شيئا كرهتموه لا يعصى الله فيه إلا استعفيتم منه لأكون فيه عند ما أحببتم و كرهتم حتى لا يكون لكم على الله حجة و الله لنصبرن كما أمرنا و سيجزي الله الصابرين .