نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 2 صفحه : 109
109
بَخِلَ وَ اِسْتَغْنىََ `وَ كَذَّبَ بِالْحُسْنىََ `فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرىََ [1] فقابل بين أعطى و بخل و لم يقابل بين اتقى و استغنى و مثل هذا في القرآن العزيز كثير و أكثر من الكثير .
و قد بان الآن أن التقسيم الأول فاسد و أنه لا مقابلة إلا بين الأضداد و ما يجري مجراها .
و أما مقابلة الجملة بالجملة في تقابل المتماثلين فإنه إذا كانت إحداهما في معنى الأخرى وقعت المقابلة و الأغلب أن تقابل الجملة الماضية بالماضية و المستقبلة بالمستقبلة .
و قد تقابل الجملة الماضية بالمستقبلة فمن ذلك قوله تعالى قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمََا أَضِلُّ عَلىََ نَفْسِي وَ إِنِ اِهْتَدَيْتُ فَبِمََا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي [2] فإن هذا تقابل من جهة المعنى لأنه لو كان من جهة اللفظ لقال و إن اهتديت فإنما أهتدي لها .
و وجه التقابل المعنوي هو أن كل ما على النفس فهو بها أعني كل ما هو عليها وبال و ضرر فهو منها و بسببها لأنها الأمارة بالسوء و كل ما لها مما ينفعها فهو بهداية ربها و توفيقه لها .
و من ذلك قوله تعالى أَ لَمْ يَرَوْا أَنََّا جَعَلْنَا اَللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَ اَلنَّهََارَ مُبْصِراً [3] فإنه لم يراع التقابل اللفظي و لو راعاه لقال و النهار ليبصروا فيه و إنما المراعاة لجانب المعنى لأن معنى مبصرا ليبصروا فيه طرق التقلب في الحاجات .
و أما مقابلة المخالف فهو على وجهين .
أحدهما أن يكون بين المقابل و المقابل نوع مناسبة و تقابل كقول القائل
يجزون من ظلم أهل الظلم مغفرة # و من إساءة أهل السوء إحسانا [4] .