نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 13 صفحه : 128
يجوز أن تسمى هذه الخطبة القاصعة من قولهم قصعت الناقة بجرتها و هو أن تردها إلى جوفها أو تخرجها من جوفها فتملأ فاها فلما كانت الزواجر و المواعظ في هذه الخطبة مرددة من أولها إلى آخرها شبهها بالناقة التي تقصع الجرة و يجوز أن تسمى القاصعة لأنها كالقاتلة لإبليس و أتباعه من أهل العصبية من قولهم قصعت القملة إذا هشمتها و قتلتها و يجوز أن تسمى القاصعة لأن المستمع لها المعتبر بها يذهب كبره و نخوته فيكون من قولهم قصع الماء عطشه أي أذهبه و سكنه قال ذو الرمة بيتا في هذا المعنى
فانصاعت الحقب لم تقصع صرائرها # و قد تشح فلا ري و لا هيم [1] .
الصرائر جمع صريرة و هي العطش و يجوز أن تسمى القاصعة لأنها تتضمن تحقير إبليس و أتباعه و تصغيرهم من قولهم قصعت الرجل إذا امتهنته و حقرته و غلام مقصوع أي قميء لا يشب و لا يزداد .
و العصبية على قسمين عصبية في الله و هي محمودة و عصبية في الباطل و هي مذمومة و هي التي نهى 1أمير المؤمنين ع عنها و كذلك الحمية (1) - و 14- جاء في الخبر العصبية في الله تورث الجنة و العصبية في الشيطان تورث النار . و 13- جاء في الخبر العظمة إزاري و الكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما قصمته. و هذا معنى قوله ع اختارهما لنفسه دون خلقه إلى آخر قوله من عباده (2) - .
قال ع ثم اختبر بذلك ملائكته المقربين مع علمه بمضمراتهم و ذلك لأن اختباره سبحانه ليس ليعلم بل ليعلم غيره من خلقه طاعة من يطيع و عصيان من يعصي و كذلك قوله سبحانه وَ مََا جَعَلْنَا اَلْقِبْلَةَ اَلَّتِي كُنْتَ عَلَيْهََا إِلاََّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ
____________
(1) ديوانه 588. انصاعت: ذهبت هاربة. و الحقب: الحمر الوحشية. و روايته: «و قد نشحن» .
نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 13 صفحه : 128