نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 11 صفحه : 146
و زورا ما أغفله إشارة إلى القوم الذين افتخروا جعلهم بتذكر الأموات السالفين كالزائرين لقبورهم و الزور اسم للواحد و الجمع كالخصم و الضيف قال ما أغفلهم عما يراد منهم لأنهم تركوا العبادة و الطاعة و صرموا الأوقات بالمفاخرة بالموتى .
ثم قال و خطرا ما أفظعه إشارة إلى الموت أي ما أشده فظع الشيء بالضم فهو فظيع أي شديد شنيع مجاوز للمقدار .
قوله لقد استخلوا منهم أي مدكر قال الراوندي أي وجدوا موضع التذكر خاليا من الفائدة و هذا غير صحيح و كيف يقول ذلك و قد قال و خطرا ما أفظعه و هل يكون أمر أعظم تذكيرا من الاعتبار بالموتى و الصحيح أنه أراد باستخلوا ذكر من خلا من آبائهم أي من مضى يقال هذا الأمر من الأمور الخالية و هذا القرن من القرون الخالية أي الماضية .
و استخلى فلان في حديثه أي حدث عن أمور خالية و المعنى أنه استعظم ما يوجبه حديثهم عما خلا و عمن خلا من أسلافهم و آثار أسلافهم من التذكير فقال أي مدكر [1] و واعظ في ذلك و روي أي مذكر بمعنى المصدر كالمعتقد بمعنى الاعتقاد و المعتبر بمعنى الاعتبار .
و تناوشوهم مِنْ مَكََانٍ بَعِيدٍ أي تناولوهم و المراد ذكروهم و تحدثوا عنهم فكأنهم تناولوهم و هذه اللفظة من ألفاظ القرآن العزيز وَ قََالُوا آمَنََّا بِهِ وَ أَنََّى لَهُمُ اَلتَّنََاوُشُ مِنْ مَكََانٍ بَعِيدٍ [2] و أنى لهم تناول الإيمان حينئذ بعد فوات الأمر