نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 11 صفحه : 134
[فصل في الرياضة النفسية و أقسامها]
و اعلم أن الرياضة و الجوع هي أمر يحتاج إليه المريد الذي هو بعد في طريق السلوك إلى الله .
و ينقسم طالبوا هذا الأمر الجليل الشاق إلى أقسام أربعة أحدها الذين مارسوا العلوم الإلهية و أجهدوا أنفسهم في طلبها و الوصول إلى كنهها بالنظر الدقيق في الزمان الطويل فهو لا يحصل لهم شوق شديد و ميل عظيم إلى الجهة العالية الشريفة فيحملهم حب الكمال على الرياضة .
و ثانيها الأنفس التي هي بأصل الفطرة و الجوهر مائلة إلى الروحانية من غير ممارسة علم و لا دربة بنظر و بحث و قد رأينا مثلهم كثيرا و شاهدنا قوما من العامة متى سنح لهم سانح مشوق مثل صوت مطرب أو إنشاد بيت يقع في النفس أو سماع كلمة توافق أمرا في بواطنهم فإنه يستولي عليهم الوجد و يشتد الحنين و تغشاهم غواش لطيفة روحانية يغيبون بها عن المحسوسات و الجسمانيات .
و ثالثها نفوس حصل لها الأمران معا الاستعداد الأصلي و الاشتغال بالعلوم النظرية الإلهية .
و رابعها النفوس التي لا استعداد لها في الأصل و لا ارتاضت بالعلوم الإلهية و لكنهم [1] قوم سمعوا كمال هذه الطريقة و أن السعادة الإنسانية ليست إلا بالوصول إليها فمالت نحوها و حصل لها اعتقاد فيها .
فهذه أقسام المريدين و الرياضة التي تليق بكل واحد من هذه الأقسام غير الرياضة اللائقة بالقسم الآخر .