نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 10 صفحه : 38
و قد تقدم ذكر ما ورد عن 14النبي ص في الأمر بلزوم الجماعة و النهي عن الاختلاف و الفرقة .
ثم أمر ع بالعزلة و لزوم البيت و الاشتغال بالعبادة و مجانبة الناس و متاركتهم و اشتغال الإنسان بعيب نفسه عن عيوبهم .
و قد ورد في العزلة أخبار و آثار كثيرة و اختلف الناس قديما و حديثا فيها ففضلها قوم على المخالطة و فضل قوم المخالطة عليها .
فممن فضل العزلة سفيان الثوري و إبراهيم بن أدهم و داود الطائي و الفضيل بن عياض و سليمان الخواص و يوسف بن أسباط و بشر الحافي و حذيفة المرعشي و جمع كثير من الصوفية و هو مذهب أكثر العارفين و قول المتألهين من الفلاسفة .
و ممن فضل المخالطة على العزلة ابن المسيب و الشعبي و ابن أبي ليلى و هشام بن عروة و ابن شبرمة و القاضي شريح و شريك بن عبد الله و ابن عيينة و ابن المبارك . فأما كلام 1أمير المؤمنين ع فيقتضي عند إمعان النظر فيه أن العزلة خير لقوم و أن المخالطة خير لقوم آخرين على حسب أحوال الناس و اختلافهم .
و قد احتج أرباب المخالطة يقول الله تعالى فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوََاناً [1] و بقوله وَ لاََ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اِخْتَلَفُوا [2] و هذا ضعيف لأن المراد بالآية تفرق الآراء و اختلاف المذاهب في أصول الدين و المراد