نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 10 صفحه : 34
و ثانيها الهنات المغفورة و هي صغائر الذنوب هكذا يفسر أصحابنا كلامه ع (1) - .
و ثالثها ما يتعلق بحقوق البشر بعضهم على بعض فإن ذلك لا يتركه الله هملا بل لا بد من عقاب فاعله و إنما أفرد هذا القسم مع دخوله في القسم الأول لتميزه بكونه متعلقا بحقوق بني آدم بعضهم على بعض و ليس الأول كذلك .
فإن قلت لفظه ع مطابق للآية و هي قوله تعالى إِنَّ اَللََّهَ لاََ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَ يَغْفِرُ مََا دُونَ ذََلِكَ لِمَنْ يَشََاءُ [1] * و الآية و لفظه ع صريحان في مذهب المرجئة لأنكم إذا فسرتم قوله لِمَنْ يَشََاءُ* بأن المراد به أرباب التوبة قيل لكم فالمشركون هكذا حالهم يقبل الله توبتهم و يسقط عقاب شركهم بها فلأي معنى خصص المشيئة بالقسم الثاني و هو ما دون الشرك و هل هذا إلا تصريح بأن الشرك لا يغفر لمن مات عليه و ما دونه من المعاصي إذا مات الإنسان عليه لا يقطع له بالعقاب و لا لغيره بل أمره إلى الله .
قلت الأصوب في هذا الموضع ألا يجعل قوله لِمَنْ يَشََاءُ* معنيا به التائبون بل نقول المراد أن الله لا يستر في موقف القيامة من مات مشركا بل يفضحه على رءوس الأشهاد كما قال تعالى وَ يَقُولُ اَلْأَشْهََادُ هََؤُلاََءِ اَلَّذِينَ كَذَبُوا عَلىََ رَبِّهِمْ [2] .
و أما من مات على كبيرة من أهل الإسلام فإن الله تعالى يستره في الموقف و لا يفضحه بين الخلائق و إن كان من أهل النار و يكون معنى المغفرة في هذه الآية الستر و تغطية حال العاصي في موقف الحشر و قد يكون من أهل الكبائر ممن يقر بالإسلام