نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 10 صفحه : 135
قلت كأنه لم ير في بادئ الحال شرح صفات المتقين على التفصيل فقال لهمام ماهية التقوى معلومة في الجملة فاتق الله و أحسن فإن الله قد وعد في كتابه أن يكون وليا و ناصرا لأهل التقوى و الإحسان و هذا كما يقول لك قائل ما صفات الله الذي أعبده أنا و الناس فتقول له لا عليك ألا تعرف صفاته مفصلة بعد أن تعلم أنه خالق العالم و أنه واحد لا شريك له (1) - فلما أبى همام إلا الخوض فيما سأله على وجه التفصيل قال له إن الله تعالى خلق الخلق حين خلقهم و يروى حيث خلقهم و هو غني عن طاعتهم لأنه ليس بجسم فيستضر بأمر أو ينتفع به .
و قسم بين الخلق معايشهم كما قال سبحانه نَحْنُ قَسَمْنََا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي اَلْحَيََاةِ اَلدُّنْيََا [1] .
و في قوله وضعهم مواضعهم معنى قوله وَ رَفَعْنََا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجََاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا [1] فكأنه ع أخذ الألفاظ فألغاها و أتى بمعناها (2) - .
فلما فرغ من هذه المقدمة شرع في ذكر صفات المتقين فقال إنهم أهل الفضائل ثم بين ما هذه الفضائل فقال منطقهم الصواب .
فإن قلت أي فائدة في تقديم تلك المقدمة و هي كون البارئ سبحانه غنيا لا تضره المعصية و لا تنفعه الطاعة .
قلت لأنه لما تضمنت الخطبة مدح الله تعالى للمتقين و ما أعده لهم من الثواب و ذمه للعاصين و ما أعده لهم من العقاب العظيم فربما يتوهم متوهم أن الله تعالى ما رغب في الطاعة