نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 10 صفحه : 128
و ركبوا بنيات [1] الطريق ضلالا و قلة معرفة بأساليب الكلام و أنا أوضح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فأقول
رأي للمؤلف في كتاب نهج البلاغة
لا يخلو إما أن يكون كل نهج البلاغة مصنوعا منحولا أو بعضه و الأول باطل بالضرورة لأنا نعلم بالتواتر صحة إسناد بعضه إلى 1أمير المؤمنين ع و قد نقل المحدثون كلهم أو جلهم و المؤرخون كثيرا منه و ليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرض في ذلك و الثاني يدل على ما قلناه لأن من قد أنس بالكلام و الخطابة و شدا طرفا من علمالبيانو صار له ذوق في هذا الباب لا بد أن يفرق بين الكلام الركيك و الفصيح و بين الفصيح و الأفصح و بين الأصيل و المولد و إذا وقف على كراس واحد يتضمن كلاما لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فقط فلا بد أن يفرق بين الكلامين و يميز بين الطريقتين أ لا ترى أنا مع معرفتنا بالشعر و نقده لو تصفحنا ديوان أبي تمام فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبي تمام و نفسه و طريقته و مذهبه في القريض أ لا ترى أن العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه لمباينتها لمذهبه في الشعر و كذلك حذفوا من شعر أبي نواس شيئا كثيرا لما ظهر لهم أنه ليس من ألفاظه و لا من شعره و كذلك غيرهما من الشعراء و لم يعتمدوا في ذلك إلا على الذوق خاصة .
و أنت إذا تأملت نهج البلاغة وجدته كله ماء واحدا و نفسا واحدا و أسلوبا واحدا كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفا لباقي الأبعاض في الماهية و كالقرآن العزيز أوله كأوسطه و أوسطه كآخره و كل سورة منه و كل آية مماثلة في
[1] يقال: ركب بنيات الطريق، أي ضل؛ و أصل البنيات: الطرق الصغار، ثمّ أطلقت على الترهات.
نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 10 صفحه : 128