نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 1 صفحه : 77
و أيضا فإنه قد قال فيما بعد في صفة الملائكة أنهم لا يصفون الله تعالى بصفات المصنوعين فوجب أن يحمل قوله الآن و كمال توحيده نفي الصفات عنه على صفات المخلوقين حملا للمطلق على المقيد .
و لقائل أن يقول لو أراد نفي صفات المخلوقين عنه لم يستدل على ذلك بدليل الغيرية و هو قوله لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف لأن هذا الاستدلال لا ينطبق على دعوى أنه غير موصوف بصفات المخلوقين بل كان ينبغي أن يستدل بان صفات المخلوقين من لوازم الجسمية و العرضية و البارئ ليس بجسم و لا عرض و نحن قد بينا أن مراده ع إبطال القول بالمعاني القديمة و هي المسماة بالصفات في الاصطلاح القديم [1] و لهذا يسمى أصحاب المعاني بالصفاتية فأما كونه قادرا و عالما فأصحابها أصحاب الأحوال و قد بينا أن مراده ع بقوله ليس لصفته حد محدود أي لكنهه و حقيقته و أما كون الملائكة لا تصف البارئ بصفات المصنوعين فلا يقتضي أن يحمل كل موضوع فيه ذكر الصفات على صفات المصنوعين لأجل تقييد ذلك في ذكر الملائكة و أين هذا من باب حمل المطلق على المقيد لا سيما و قد ثبت أن التعليل و الاستدلال يقضي ألا يكون المراد صفات المخلوقين .
و قد تكلف الراوندي لتطبيق تعليله ع نفي الصفات عنه بقوله لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف بكلام عجيب و أنا أحكي ألفاظه لتعلم قال معنى هذا التعليل أن الفعل في الشاهد لا يشابه الفاعل و الفاعل غير الفعل لأن ما يوصف به الغير إنما هو الفعل أو معنى الفعل كالضارب و الفهم فإن الفهم و الضرب كلاهما فعل و الموصوف بهما فاعل و الدليل لا يختلف شاهدا و غائبا فإذا كان تعالى قديما و هذه الأجسام محدثة كانت معدومة ثم وجدت يدل على أنها غير الموصوف بأنه خالقها و مدبرها .