نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 1 صفحه : 61
نعلم كنه البارئ سبحانه لا في هذه الدنيا بل في الآخرة فإن القائلين برؤيته في الآخرة يقولون إنا نعرف حينئذ كنهه فهو ع رد قولهم و قال إنه لا وقت أبدا على الإطلاق تعرف فيه حقيقته و كنهه لا الآن و لا بعد الآن و هو الحق لأنا لو رأيناه في الآخرة و عرفنا كنهه لتشخص تشخصا يمنع من حمله على كثيرين و لا يتصور أن يتشخص هذا التشخص إلا ما يشار إلى جهته و لا جهة له سبحانه و قد شرحت هذا الموضع في كتابي المعروف بزيادات النقضين [1] و بينت أن الرؤية المنزهة عن الكيفية التي يزعمها أصحاب الأشعري لا بد فيها من إثبات الجهة و أنها لا تجري مجرى العلم لأن العلم لا يشخص المعلوم و الرؤية تشخص المرئي و التشخيص لا يمكن إلا مع كون المتشخص ذا جهة .
و اعلم أن نفي الإحاطة مذكور في الكتاب العزيز في مواضع منها قوله تعالى وَ لاََ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [2] و منها قوله يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ اَلْبَصَرُ خََاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ [3] و قال بعض الصحابة العجز عن درك الإدارك إدراك و قد غلا محمد بن هانئ فقال في ممدوحه المعز أبي تميم معد بن المنصور العلوي
أتبعته فكري حتى إذا بلغت # غاياتها بين تصويب و تصعيد [4]
رأيت موضع برهان يلوح و ما # رأيت موضع تكييف و تحديد [5] .
و هذا مدح يليق بالخالق تعالى و لا يليق بالمخلوق (1) - .
فأما قوله فطر الخلائق إلى آخر الفصل فهو تقسيم مشتق من الكتاب العزيز فقوله فطر الخلائق بقدرته من قوله تعالى قََالَ رَبُّ اَلسَّمََاوََاتِ
____________
(1) كذا في ج، و في ب: «النقيضين» و في ا: «زيادات التقصير» ، و لم أعثر له على ذكر له في كتب التراجم و الفهارس.
(2) سورة طه 110.
(3) سورة الملك 4.
(4) ديوانه 210.
(5) الديوان: «برهان يبين» .
نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 1 صفحه : 61