نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 0 صفحه : 15
لهفى على تلك الدّماء تراق في # أيدى أميّة عنوة و تضيّع
يأبى أبو العبّاس أحمد إنّه # خير الورى من أن يطلّ و يمنع [1]
فهو الولىّ لثأرها و هو الحمو # ل لعبئها إذ كلّ عود يضلع [2]
و الدّهر. طوع و الشبيبة غضّة # و السّيف عضب و الفؤاد مشيّع [3]
و حينما انقضت أيّام صباه، و طوى رداء شبابه، خفّ إلى بغداد؛ حاضرة الخلافة، و كعبة القصاد، و عشّ العلماء، و كانت خزائنها بالكتب معمورة، و مجالسها بالعلم و الأدب مأهولة، فقرأ الكتب و استزاد من العلم، و أوغل في البحث، و وعى المسائل، و محّص الحقائق، و اختلط بالعلماء من أصحاب المذاهب، ثمّ جنح إلى الاعتزال؛ و أصبح كما يقول صاحب «نسمة السحر» : معتزليّا جاحظيّا، في أكثر شرحه للنهج؛ بعد أن كان شيعيا غاليا.
و في بغداد أيضا نال الحظوة عند الخلفاء من العباسيين و مدحهم، و أخذ جوائزهم، و نال عندهم سنىّ المراتب و رفيع المناصب، فكان كاتبا في دار التشريفات؛ ثم في الديوان، ثمّ ناظرا للبيمارستان؛ و أخيرا فوّض إليه أمر خزائن الكتب في بغداد؛ و في كلّ هذا كان مرموق الجانب، عزيز المحلّ؛ كريم المنزلة، إلى أن مات.
*** و كان مع اشتغاله بالمناصب، و معاناته للتأليف شاعرا مجيدا؛ ذكره صاحب «نسمة السحر في ذكر من تشيع و شعر» ؛ و له ديوان، ذكر ابن شاكر أنّه كان معروفا مشهورا.
و قد جال بشعره في شتّى المعاني و مختلف الأغراض، فقال في المدح و الرثاء؛ و الحكم و الوصف
[1] هو الخليفة أبو العباس أحمد بن المستضيء بأمر اللّه المعروف بالناصر، بويع بالخلافة سنة 575، و مات سنة 629، و كان يرى رأى الإماميّة. الفخرى 280.
[2] يقال: دابة مضلع، أي لا تقوى أضلاعها على الحمل.