نام کتاب : شرح نهج البلاغة نویسنده : ابن ابي الحديد جلد : 0 صفحه : 10
2-شرح نهج البلاغة
و قد تصدّر لشرح كتاب «نهج البلاغة» كثيرون من العلماء و الفضلاء؛ ذكر السيّد هبة اللّه الشهرستانىّ [1] أنها تنوف على الخمسين شرحا؛ ما بين مبسوط و مختصر؛ منهم أبو الحسين البيهقيّ، و الإمام فخر الدين الرازيّ، و القطب الراونديّ، و كمال الدين محمّد ميثم البحرانيّ؛ من المتقدمين، و حبيب بن محمّد بن هاشم الهاشمىّ و الشيخ محمّد عبده و محمّد نائل المرصفى من المتأخرين.
و لكن أعظم هذه الشروح و أطولها، و أشملها بالعلوم و الآداب و المعارف و أملؤها؛ هو شرح عزّ الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المدائنىّ؛ صنفه برسم خزانة مؤيد الدين أبى طالب محمّد بن أحمد العلقمىّ، وزير المستعصم باللّه، آخر ملوك العباسيين. «كان من فضلاء الشيعة و أعيانهم ببغداد، مائلا للآداب مقرّبا للأدباء، و كانت له خزانة كتب فيها عشرة آلاف مجلد من نفائس الكتب» [2] .
شرع في تأليفه في غرّة شهر رجب من سنة أربع و أربعين و ستمائة، و أتمّه في سلخ صفر من سنة تسع و أربعين و ستمائة؛ فقضى أربع سنين و ثمانية أشهر، و كانت كما يقول:
«مقدار مدّة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام» ؛ و كسره على عشرين جزءا.
و لما فرغ من تصنيفه أنفذه على يد أخيه موفّق الدين أبى المعالى إلى ابن العلقمىّ، فبعث إليه بمائة دينار و خلعة سنيّة و فرس؛ فكتب إلى الوزير:
أيا ربّ العباد رفعت ضبعى # و طلت بمنكبى و بللت ربقى
و زيغ الأشعريّ كشفت عنّى # فلم أسلك بنيّات الطّريق