إنّ احتمال وجود المبدأ و المعاد يوجب البحث و السعي لتحصيل المعرفة الدينية، فما دام الإنسان يحتمل أنّ لهذا العالم خالقا عليما حكيما، و أنّ الموت ليس نهاية لحياة الإنسان، و أنّ لخالقه هدفا من خلقه إيّاه، و أنه قد وضع له قانونا إن هو لم يطبّقه وقع في الشقاء الأبدي، فإنّ فطرته توجب عليه أن يهتمّ بهذا الاحتمال مهما كان ضعيفا، لكون المحتمل أمرا عظيما و خطيرا جدّا، و تدفعه لأن يبحث عن حقيقة الأمر و لا يهدأ و لا يستقرّ حتّى يصل إلى نتيجة قطعيّة حاسمة، نفيا أو إثباتا.
و هذا كمن احتمل وجود مواد متفجّرة في بيته، أو احتمل وجود تماسّ كهربائي يسبّب احتراق بيته بمن فيه و ما فيه، فإنه لا يستقرّ لحظة، بل يفحص و يبحث حتّى يتيقّن بعدم وجود الخطر.
2- حاجة الإنسان إلى الدّين الحقّ
الإنسان موجود مركّب من بدن و روح، و عقل و هوى، و بسبب هذا التركيب تراه يفحص بفطرته عن سعادته المادّية و المعنويّة، و يسعى للوصول إلى الكمال المقصود من وجوده.
و من ناحية أخرى، فإنّ حياة كلّ فرد من أفراد الإنسان لها بعدان: فردي