الفقراء بماء رحمة الإنفاق الذي استمنّ الغني من الفقير في ذلك الإنفاق، و حفظ- في حصار الزكاة و الصدقات- أموال الأغنياء التي هي بمنزلة الدم في شريان المجتمع، و حفظ قوّة نظامه الاقتصادي و سلامته، و لذا عبّر أمير المؤمنين (عليه السلام) عن الزكاة بما يدل على آنها حصن لأموال الأغنياء،
فقال (عليه السلام): «و حصّنوا أموالكم بالزكاة»
[1]. ألا ينقطع جذور الفقر المادّية و المعنوية من المجتمع بإجراء هذا البرنامج من إنفاق أموال الأغنياء إلى إنفاق علوم العلماء؟!
* المدينة الإسلامية الفاضلة التي تحفظ حقوق الإنسان و كرامته
بعد هذه النبذة عن حكمة تشريعات الإسلام في الصلاة و الزكاة، و تأثيرهما في سعادة الفرد و المجتمع، نلفت النظر إلى مستوى المدينة الفاضلة التي يستطيع الإسلام أن يحقّقها بتشريعاته التي تشمل كلّ علاقات الإنسان و حقوقه و جميع حركاته و سكناته و أفعاله و تروكه، و تنتظم في مجموعة الاحكام الوضعية بأنواعها و التكليفية بأقسامها التي انقسمت متعلقاتها بالواجبات من الحق و الملك و الحجية و الولاية و الحكومة و غيرها و المحرّمات و المستحبّات و المكروهات و المباحات، تلك التشريعات التي تحرص على صيانة حياة الإنسان و حرّيته و كرامته، و حقوقه، و ترشده الى مصالحه و مفاسده، و منافعه و مضاره في جميع نشئات وجوده، و إن كان إدراك كلها متعذرا، و النيل الى جلها متعسرا، إلا أن ما يتيسر منه يدل على الحكم المكنونة في قوانين هذه الشريعة و الألطاف الخفية في أحكامها.
فإنّ نظرة في الأحكام و الآداب الّتي قررها الإسلام لحقوق الحيوان المسخّر