قال: «فليحملوا عليه حملة واحدة، فرقة يضربونه بالسيوف و الرماح، و فرقة بالنبل و السهام» .
ففعلوا ذلك حتى أضعفه الجرح الكثير، و أصابه سهم خولي بن يزيد الأصبحي (لعنه اللّه) ، فوقع الحسين على الأرض، ثم جلس ينزع السهم عن جسده بكلتا يديه، و يخضب بدمه لحيته و رأسه، و هو يقول: «هكذا ألقى اللّه و ألقى جدّي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم» ثم خرّ مغشيا عليه، فلمّا أفاق من غشوته أراد أن يقوم فلم يقدر، فضرب على رأسه الشريف رجل ملعون من كندة ففلقه، و وقعت عمامته على الأرض، و دعا على الكندي و قال له: «لا أكلت بيمينك و لا شربت بها، و حشرك اللّه مع القوم الظالمين» .
قال أبو مخنف: لمّا أخذ الكندي عمامة الحسين رضي اللّه عنه قالت زوجة الكندي:
«ويلك قتلت الحسين و سلبت ثيابه، فو اللّه لا جمعت معك في بيت واحد» فأراد أن يلطمها فأصاب مسمار يده، فقطعت يده من المرفق و لم يزل كان فقيرا.
قال أبو مخنف: و بقي الحسين رضي اللّه عنه ثلاث ساعات من النهار ملطخا بدمه رامقا بطرفه الى السماء و ينادي: «يا إلهي صبرا على قضائك و لا معبود سواك يا غياث المستغيثين» ، فتبادر إليه أربعون فارسا يريدون حزّ رأسه الشريف المكرم المبارك المقدس المنور، و يقول عمر بن سعد: «ويلكم عجّلوا بقتله» فدنا منه شبث بن ربعي، فرمقه الحسين رضي اللّه عنه بعينه، فرمى السيف من يده و ولّى هاربا و يقول: «معاذ اللّه أن ألقى اللّه بدمك يا حسين» فأقبل الى شبث سنان بن أنس النخعي، و كان كوسج اللحية قصيرا أبرصا أشبه الخلق بالشمر اللعين.