عن المسير الى الكوفة، فبعث إليه يأمره بالمسير الى ما أمره أوّلا، فسار في وقته و ساعته الى أن قدم الكوفة ليلا، فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة.
فاجتمع الناس إليه فبايعه ثمانية عشر ألف رجل، و كتب مسلم الى الحسين (رضي اللّه عنهما) كتابا مخبرا بمبايعة أهل الكوفة.
فبلغ الخبر الى النعمان بن بشير، و كان هو والي الكوفة من طرف يزيد، فقال في خطبة:
«احذروا مخالفة يزيد بن معاوية، من أصبح منكم مخالفا لقولي لأضربن عنقه» .
ثم إنّ عبد اللّه الحضرمي استضعف رأي النعمان، أرسل الى يزيد كتابا يذكر فيه بيعة الناس لمسلم و ضعف رأي النعمان، فأرسل يزيد عمر بن سعد بن أبي و قاص الى ابن زياد، و كان في البصرة، مع كتاب «يأمره على الرحيل الى الكوفة، و لا يدع من بني علي إلاّ قتله» .
فلمّا وصل الكوفة و هو متلثم و بيده قضيب من خيزران و أصحابه حوله، فلا يمرّ بملإ إلاّ سلّم عليهم بالقضيب، و هم يظنون أنّه الحسين، لأنّهم يتوقعون قدومه. فلمّا دخل قصر الامارة علموا أنّه ابن زياد.
و قال للنعمان: «حفظت نفسك و ضيعت مصرك» فخطب على المنبر «يذكر أنّ يزيد ولاّه و أوصاه بالاحسان الى المحسن و التجاوز عن المسيء» و الناس ينظر بعضهم الى بعض و يقولون: «مالنا و امتناع السلطان» فنقضوا بيعة الحسين رضي اللّه عنه و بايعوا ابن زياد.
فلمّا سمع مسلم ذلك دخل هاربا دار هانئ بن عروة، و كان هانئ عليلا، و قال: «يا مسلم إنّ ابن زياد يأتيني للعيادة، فخذ هذا السيف و اقتله، فاذا رأيت أنا أقلع عمامتي عن رأسي فاضربه بالسيف» .
و دخل ابن زياد و معه حاجبه بعد العشاء يسأله عن مرضه، و هو يشكو إليه ألمه، فقلع عمامته و تركها على الأرض ثلاث مرات، فلمّا رأى ابن زياد كثرة