و قد ذكرت في هذا الكتاب الناطق بالصواب جفر الامام علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه، و هو ألف و سبعمائة مصدر من مفاتيح العلوم، و مصابيح النجوم، المعروف عند علماء الحروف بالجفر الجامع، و النور اللامع، و هو عبارة عن لوح القضاء و القدر عند الصوفية؛ و قيل: مفتاح اللوح و القلم؛ و قيل: سر القضاء و القدر؛ و قيل: مفتاح علم اللّدني.
و هما كتابان جليلان أحدهما ذكر الامام علي (كرّم اللّه وجهه) على المنبر و هو قائم يخطب بالكوفة على ما سيأتي بيانه، و هو المسمى بخطبة البيان.
و الآخر أسرّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم هذا العلم المكنون، و هو المشار إليه بقوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: أنا مدينة العلم و علي بابها، و أمره بتدوينه، فكتبه الامام علي رضي اللّه عنه حروفا مفرقة على طريقة سفر آدم عليه السّلام في جفر-يعني في ورق-قد صنع من جلد البعير، و اشتهر بين الناس بالجفر الجامع و النور اللامع، و قيل:
الجفر و الجامعة، و فيه ما جرى للأولين و ما يجري للآخرين.
و الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه قد جعل في خافية الباب الكبير «ا ت ث» الى آخرها: و الباب الصغير «أبجد» الى «قرشت» .
قال الامام جعفر الصادق رضي اللّه عنه: منا الجفر الأبيض، و منا الجفر الأحمر، و منا الجفر الجامع.
و كانت الأئمة الراسخون من أولاده يعرفون أسرار هذا الشأن العظيم، و لمّا كتب بعض الخلفاء، و هو المأمون بن هارون الرشيد، الى علي بن موسى الرضا على أن يبايعه فقال: إنّك عرفت من حقوقنا ما لم يعرفه آباؤك، و إنّك تريد المبايعة لي إلاّ أنّ الجفر الجامع لا يدلّ على مبايعتك.
و قد ستر اللّه علمه عن أكثر العلماء، و لم يأذن اللّه للأكابر أن يعرفوا منه إلاّ