5- إعطاء الخليفة فدكا و خمس إفريقية لمروان بن الحكم:
عدّ ابن قتيبة في المعارف [2] و البلاذريّ في الأنساب [3] ممّا نقم على عثمان إقطاعه فدكا لمروان، و قد اعتبر المسلمون هذا الإحداث مخالفا لعمل الشيخين و الأدلّة الثابتة، إذ أنّ فدكا لو كانت فيئا للمسلمين- كما ادّعاه أبو بكر- فما وجه تخصيصها بمروان؟ و إن كانت ميراثا لآل الرسول- كما احتجّت به الزهراء في خطبتها- فكيف يمنعون بني الزهراء عنها؟!! و كذا الأمر بالنسبة لخمس إفريقية، فما هو وجه تمليكه إيّاها؟
و قد جاء في رواية أبي مخنف، و قاله البلاذريّ في الأنساب [4]. بأنّ مروان ابتاع الخمس بمائتي ألف دينار، فكلّم عثمان فوهبها له، فأنكر الناس ذلك على عثمان.
و عليه، فإنّ لهذا الاعتراض- و كما سبق- وجها دينيّا، إذ نرى الناس يعترضون على الخليفة و كذا على ولاته لما أحدثوا من أفكار و أصول و نفيهم لأخرى، و هي ممّا لم يسنّ في شريعة الرسول و لم يعمل به الشيخان.
كانت هذه بعض الأمور، نقلناها ليتّضح للقارئ وجه آخر، تتجلّى فيه معالم نقمة المسلمين على الخليفة الثالث عثمان بن عفّان و التي استبطنت أمورا دينيّة.
و انّ طرح أمثال هذه الاعتراضات لا ترضي الطبريّ و ابن الأثير، بل تركا ذكرها رعاية لحال العامّة! و من يستقري مواقف الصحابة من سياسة عثمان و إحداثاته يقطع بنقمتهم عليه و استيائهم من خلافته، و إليك بعض ما ورد عنهم في المقام: