فقال الشيخ: ما تقول في قول النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام):
" حربك حربي وسلمك سلمي "؟ قال القاضي: الحديث صحيح، فقال:
ما تقول في أصحاب الجمل؟ فقال القاضي: أيها الأخ، إنهم تابوا، فقال الشيخ: أيها القاضي، الحرب دراية والتوبة رواية! وأنت قررت في حديث الغدير أن الرواية لا تعارض الدراية. فبهت الشيخ القاضي ولم يحر جوابا، ووضع رأسه ساعة، ثم رفع رأسه وقال: من أنت؟ فقال: خادمك محمد بن محمد بن النعمان الحارثي، فقام القاضي من مقامه وأخذ بيد الشيخ وأجلسه في مسنده، وقال: أنت المفيد حقا! فتغيرت وجوه علماء المجلس.
فلما أبصر القاضي ذلك منهم قال: أيها الفضلاء، إن هذا الرجل ألزمني وأنا عجزت عن جوابه، فإن كان أحد منكم عنده جواب عما ذكر فليذكر، ليقوم الرجل ويرجع مكانه [1].
(12)
المفيد مع بعض الخصوم
ذكر مجلس جرى لشيخنا المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان مع بعض الخصوم في قولهم: إن كل مجتهد مصيب.
قال شيخنا رضي الله عنه: كنت أقبلت في مجلس على جماعة من متفقهة العامة، فقلت لهم: إن أصلكم الذي تعتمدون عليه في تسويغ الاختلاف يحظر عليكم المناظرة ويمنعكم من الفحص والمباحثة، واجتماعكم على المناظرة يناقض أصولكم في الاجتهاد وتسويغ الاختلاف.
قال: بلى، فما الذي يلزمنا على هذا القول؟
[1] سفينة البحار: ج 2 ص 390 ومستدرك الوسائل: ج 3 ص 320.