نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني جلد : 1 صفحه : 388
فإذا فرغ من ذلك كله شرع في تفسير الكتاب العزيز بأسره فكل
هذه العلوم له مقدمة و إذا وفق له فلا يقتصر على ما استخرجه المفسرون بأنظارهم فيه
بل يكثر من التفكر في معانيه و يصفي نفسه للتطلع على خوافيه و يبتهل إلى الله
تعالى في أن يمنحه من لدنه فهم كتابه و أسرار خطابه فحينئذ يظهر عليه من الحقائق
ما لم يصل إليه غيره من المفسرين لأن الكتاب العزيز بحر لجي في قعره درر و في
ظاهره خير و الناس في التقاط درره و الاطلاع على بعض حقائقه على مراتب حسب ما
تبلغه قوتهم و يفتح الله به عليهم و من ثم نرى التفاسير مختلفة حسب اختلاف أهلها
فيما يغلب عليهم من العلم فمنها ما يغلب عليه العربية كالكشاف للزمخشري و منها ما
يغلب عليه الحكمة و البرهان الكلامي كمفتاح أو مفاتيح الغيب للرازي و منها ما يغلب
عليه القصص كتفسير الثعلبي[1] و منها ما
يسلط على تأويل الحقائق دون تفسير الظاهر كتأويل عبد الرزاق القاشي[2] إلى غير
ذلك من المظاهر و من المشهور ما روي من أن للقرآن تفسيرا و تأويلا و حقائق و دقائق
و أن له ظهرا و بطنا و حدا و مطلعا[3]. ذلِكَ فَضْلُ
اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[4].
[1]- الموسوم ب« الكشف و البيان»، انظر وصفه في«
الذريعة» ج 18/ 66- 67.
[2]-« تأويل الآيات» أو« التأويلات»، انظر وصفه
في« الذريعة» ج 3/ 303.
[3]- في« تفسير الطبريّ» ج 1/ 9؛ و« إحياء علوم
الدين» ج 1/ 88، 260:« قال صلّى اللّه عليه[ و آله] و سلّم:« إنّ للقرآن ظاهرا و
باطنا و حدّا و مطلعا»؛ و في« تفسير العيّاشيّ» ج 1/ 11، الحديث 5؛ و« بصائر
الدرجات»/ 196، الحديث 7:« عن الفضيل بن يسار، قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن
هذه الرواية: ما في القرآن آية إلّا و لها ظهر و بطن، و ما فيه حرف إلّا و له حدّ
و لكلّ حدّ مطلع، ما يعني بقوله: لها ظهر و بطن؟ قال: ظهره و بطنه تأويله ...»؛ و
في« المحاسن»/ 270، الحديث 360:« ... قلت: و للقرآن بطن و ظهر؟ فقال: نعم، لأنّ
لكتاب اللّه ظاهرا و باطنا و معاينا و ناسخا و منسوخا و محكما و متشابها و سننا و
أمثالا و فصلا و وصلا و أحرفا و تصريفا ...» و راجع أيضا« بحار الأنوار» ج 92/ 78-
106؛« الإتقان» ج 4/ 225. و أمّا قوله« و حقائق و دقائق» فلم أجده في الأحاديث و
الروايات. نعم قال المكي في« علم القلوب»/ 27:« و قيل: ما من آية في القرآن إلّا و
لها سبع معان: ظاهر و باطن و إشارات و أمارات و لطائف و دقائق و حقائق؛ فالظاهر
للعوام، و الباطن للخواصّ، و الإشارات لخاصّ الخواصّ، و الأمارات للأولياء، و
اللطائف للصدّيقين، و الدقائق للمحبّين، و الحقائق للنبيّين».