و ما جاءت الغفلة في
الغالب و استيلاء الجهالة و التقصير عن معرفة الفرائض الدينية و القيام بالوظائف
الشرعية و السنن الحنيفية و أداء الصلوات على وجهها إلا من تقصير العلماء عن إظهار
الحق على وجهه و إتعاب النفس في إصلاح الخلق و ردهم إلى سلوك سبيل الله
بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ. بل لا يكتفي علماء
السوء بالتقصير عن ذلك حتى يمالئوهم[2] على الباطل
و يؤانسوهم فتزيد رغبة الجاهل و انهماك الفاسد و يقل وقار العالم و يذهب ريح العلم
و لقد قال بعض العلماء[3] و نعم ما
قال إن كل قاعد في بيته أينما كان فليس خاليا عن المنكر من حيث التقاعد عن إرشاد
الناس و تعليمهم معالم الدين و حملهم على المعروف سيما العلماء فإن أكثر الناس
جاهلون بالشرع في الواجبات العينية كالصلاة و شرائطها سيما في القرى و البوادي.
فيجب كفاية أن يكون في كل بلد و قرية واحد يعلم الناس دينهم باذلا نفسه للإرشاد و
التعليم باللطف متوصلا إليه بالرفق و كل ما يكون وسيلة إلى قبولهم و أهمه قطع طمعه
عنهم و عن أموالهم فإن من علموا منه الرغبة في شيء من ذلك زهدوا فيه و في علمه و
اضمحل أمرهم بسبب ذلك و أما إذا قصد وجه الله تعالى و امتثال أمره وقع ذلك في قلوب
الخاصة و العامة و انقادوا لأمره و استقاموا على نهج السداد. و هذا كله إذا لم يكن
عليه خطر و لا على أحد من المسلمين ضرر في ذلك و إلا فالله أحق بالعذر.
[1]-« الكافي» ج 1/ 54، كتاب فضل العلم، باب البدع
و الرأي و المقاييس، الحديث 2؛« المحاسن»/ 231، الحديث 176؛« بحار الأنوار» ج 2/
72، الحديث 35، نقلا عن« المحاسن».
[2]-« مالأه على الأمر: ساعده و عاونه»(« المعجم
الوسيط» ج 2/ 882،« ملأ»).