هذا كله[2] من كلام
الصادق ع. و اعلم[3] أن حقيقة
المراء الاعتراض على كلام الغير بإظه ار خلل فيه لفظا أو معنى أو قصدا لغير غرض
ديني أمر الله به و ترك المراء يحصل بترك الإنكار و الاعتراض بكل كلام يسمعه فإن
كان حقا وجب التصديق به بالقلب و إظهار صدقه حيث يطلب منه و إن كان باطلا و لم يكن
متعلقا بأمور الدين فاسكت عنه ما لم يتمحض النهي عن المنكر بشروطه. و الطعن في
كلام الغير إما في لفظه بإظهار خلل فيه من جهة النحو أو اللغة أو جهة النظم و
الترتيب بسبب قصور المعرفة أو طغيان اللسان و إما في المعنى بأن يقول ليس كما تقول
و قد أخطأت فيه لكذا و كذا و إما في قصده مثل أن يقول هذا الكلام حق و لكن ليس
قصدك منه الحق و ما يجري مجراه. و علامة فساد مقصد المتكلم تتحقق بكراهة ظهور الحق
على غير يده ليتبين فضله و معرفته للمسألة و الباعث عليه الترفع بإظهار الفضل و
التهجم على الغير بإظهار نقصه و هما شهوتان رديئتان للنفس أما إظهار الفضل فهو
تزكية للنفس و هو من مقتضى ما في العبد من طغيان دعوى العلو و الكبرياء و قد نهى
الله تعالى عنه في محكم كتابه فقال سبحانه فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ[4] و أما تنقيص
الآخر فهو مقتضى طبع السبعية فإنه يقتضي أن يمزق غيره و يصدمه و يؤذيه و هي مهلكة.
و المراء و الجدال مقويان لهذه الصفات المهلكة و لا تنفك المماراة عن الإيذاء و
تهييج الغضب و حمل المعترض على أن يعود فينصر كلامه بما يمكنه من حق أو
[1]-« مصباح الشريعة»/ 199- 201؛« بحار الأنوار» ج
2/ 135، الحديث 32، نقلا عنه.
[2]- أي من قوله« قال الصادق عليه السّلام» إلى
هنا؛ و كلّه في« مصباح الشريعة»/ 199- 201، و قال العلامة الطباطبائي رحمه اللّه
تعالى في تعاليقه على« بحار الأنوار» ج 2/ 135:« ثمّ المراء ... إلى آخر ما نقل،
ليس من الرواية كما هو ظاهر». أقول: و لكنّه موجود في« مصباح الشريعة» كما عرفت.