responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 149

لَيْسَ الْعِلْمُ بِكَثْرَةِ التَّعَلُّمِ إِنَّمَا هُوَ نُورٌ يَقَعُ فِي قَلْبِ مَنْ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ فَإِذَا أَرَدْتَ الْعِلْمَ فَاطْلُبْ أَوَّلًا فِي نَفْسِكَ حَقِيقَةَ الْعُبُودِيَّةِ وَ اطْلُبِ الْعِلْمَ بِاسْتِعْمَالِهِ وَ اسْتَفْهِمِ‌

______________________________
- خطّ الشيخ أحمد الفراهاني رحمه اللّه عن عنوان البصريّ- و كان شيخا كبيرا قد أتى عليه أربع و تسعون سنة- قال: كنت أختلف إلى مالك بن أنس سنين، فلمّا قدم جعفر الصادق عليه السّلام المدينة، اختلفت إليه و أحببت أن آخذ عنه كما أخذت عن مالك. فقال لي يوما: إنّي رجل مطلوب و مع ذلك لي أوراد في كلّ ساعة من آناء الليل و النهار، فلا تشغلني عن وردي، و خذ عن مالك، و اختلف إليه كما كنت تختلف إليه؛ فاغتممت من ذلك، و خرجت من عنده و قلت في نفسي: لو تفرّس فيّ خيرا لما زجرني عن الاختلاف إليه و الأخذ عنه، فدخلت مسجد الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّمت عليه، ثمّ رجعت من الغد إلى الروضة و صلّيت فيها ركعتين، و قلت أسألك يا اللّه يا اللّه! أن تعطف عليّ قلب جعفر و ترزقني من علمه ما أهتدي به إلى صراطك المستقيم. و رجعت إلى داري مغتمّا و لم أختلف إلى مالك بن أنس لما أشرب قلبي من حبّ جعفر، فما خرجت من داري إلّا إلى الصلاة المكتوبة حتّى عيل صبري، فلمّا ضاق صدري تنعّلت و تردّيت و قصدت جعفرا و كان بعد ما صلّيت العصر، فلمّا حضرت باب داره استأذنت عليه فخرج خادم له فقال ما حاجتك؟

فقلت: السلام على الشريف، فقال: هو قائم في مصلاه، فجلست بحذاء بابه فما لبثت إلّا يسيرا إذ خرج خادم فقال: ادخل على بركة اللّه، فدخلت و سلّمت عليه، فردّ السلام و قال: اجلس غفر اللّه لك، فجلست فأطرق مليّا، ثمّ رفع رأسه، و قال: أبو من؟ قلت: أبو عبد اللّه، قال: ثبّت اللّه كنيتك و وفّقك، يا أبا عبد اللّه ما مسألتك؟

فقلت في نفسي: لو لم يكن لي من زيارته و التسليم غير هذا الدعاء لكان كثيرا. ثمّ رفع رأسه، ثمّ قال:

ما مسألتك؟ فقلت: سألت اللّه أن يعطف قلبك عليّ و يرزقني من علمك، و أرجو أنّ اللّه تعالى أجابني في الشريف ما سألته، فقال: يا أبا عبد اللّه! ليس العلم بالتعلّم، إنّما هو نور يقع في قلب من يريد اللّه تبارك و تعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب أوّلا في نفسك حقيقة العبوديّة، و اطلب العلم باستعماله، و استفهم اللّه يفهمك، قلت: يا شريف! فقال: قل يا أبا عبد اللّه. قلت: يا أبا عبد اللّه! ما حقيقة العبوديّة؟ قال: ثلاثة أشياء:

أن لا يرى العبد لنفسه فيما خوّله اللّه ملكا؛ لأنّ العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال اللّه يضعونه حيث أمرهم اللّه به، و لا يدبّر العبد لنفسه تدبيرا، و جملة اشتغاله فيما أمره تعالى به و نهاه عنه، فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوّله اللّه تعالى ملكا هان عليه الإنفاق فيما أمره اللّه تعالى أن ينفق فيه، و إذا فوّض العبد تدبير نفسه على مدبّره هان عليه مصائب الدنيا، و إذا اشتغل العبد بما أمره اللّه تعالى و نهاه لا يتفرّغ منهما إلى المراء و المباهلة مع الناس، فإذا أكرم اللّه العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا، و إبليس، و الخلق؛ و لا يطلب الدنيا تكاثرا و تفاخرا، و لا يطلب ما عند الناس عزّا و علوّا، و لا يدع أيّامه باطلا، فهذا أوّل درجة التقى، قال اللّه تبارك و تعالى: «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» [سورة القصص (28): 83].

قلت: يا أبا عبد اللّه! أوصني، قال: أوصيك بتسعة أشياء فإنّها وصيّتي لمريدي الطريق إلى اللّه تعالى، و اللّه أسأل أن يوفقك لاستعماله، ثلاثة منها في رياضة النفس، و ثلاثة منها في الحلم، و ثلاثة منها في العلم، فاحفظها و إيّاك و التهاون بها. قال عنوان: ففرّغت قلبي له.

فقال: أمّا اللواتي في الرياضة: فإيّاك أن تأكل ما لا تشتهيه فإنّه يورث الحماقة و البله، و لا تأكل إلّا عند الجوع، و إذا أكلت فكل حلالا و سمّ اللّه، و اذكر حديث الرّسول صلّى اللّه عليه و آله: ما ملأ آدميّ وعاء شرّا من بطنه. فإن كان و لا بدّ فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه.-

نام کتاب : منية المريد نویسنده : الشهيد الثاني    جلد : 1  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست