فإن قيل: فقد قال الله تعالى: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) [1]. فأضاف التربص إليهن، وأنتم تقولون إن مرور الزمان في المطلقة يكفي، قلنا: لو خلينا والظاهر لقلنا في الأمرين قولا واحدا، لكن قام الدليل [2] على أن المطلقة يكفي فيها مرور الوقت، وحملنا قوله: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) [3] على من علمت بوقت طلاقها منهن ولم يخف عليها. المسألة الحادية والسبعون والمائة: " إذا تزوجت المرأة في عدتها ودخل بها زوجها الثاني فرق بينهما، وتعتد من الأول، ثم من الثاني " (*). هذا صحيح، وذهب إلى مثله الشافعي فقال: إذا طلق الرجل امرأته ونكحت في عدتها غيره ووطئها الثاني وهما جاهلان بتحريم الوطء فإن عليها العدة للثاني وبقية العدة للأول، ولا تتداخل العدتان [4]. وقال أبو حنيفة: تتداخل العدتان، فتأتي المرأة بثلاثة أقراء بعد مفارقتها للثاني، ويكون ذلك عن بقية عدة الأول وعن عدة الثاني [5]. دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه: أن العدة حق لكل واحد من الزوجين، فلا
[1] سورة البقرة، الآية: 228. [2] في (ط) و (د) و (ن) زيادة: " وحصل الاجماع ". [3] سورة البقرة، الآية: 228. * حكى في البحر عن العترة أنها تستبرأ من الثاني كالعدة ثم تتم الأولى ج 3 ص 225 (ح). [4] أحكام القرآن للجصاص 2: 134، المجموع شرح المهذب 18: 192 - 193، المغني لابن قدامة 9: 121، مغني المحتاج 3: 392. [5] أحكام القرآن للجصاص 2: 134، المبسوط للسرخسي 6: 41، المجموع شرح المهذب 18: 152، الهداية للمرغيناني 2: 30، المغني لابن قدامة: 121.