على قدر العقل تكون الطاعة، وعلى قدر العفة تكون القناعة، وعند اشتداد القرح، تبدو مطالع الفرح [1]، وعند الامتحان، يكرم الرجل أو يهان، وعلى قدر البلاء، يكون الجزاء، وعند كثرة العثار والزلل تكثر الملامة، وعند معاينة أهوال القيامة تكثر من المفرطين الندامة.
يا نفس:
عجبا لمن خاف البيات [2] فلم يكف، ولمن عرف سوء عواقب اللذات فلم يعف [3]، وعجبا لمن يقنط ومعه نجاة الاستغفار، ولمن علم شدة انتقام الله سبحانه وهو مقيم على الإصرار، وعجبا لمن عرف أنه منتقل [4] عن دنياه، كيف لا يحسن التزود لأخراه، وعجبا للشقي البخيل يتعجل الفقر الذي منه هرب،
[1] في أ، ب جملة: وعند اشتداد القرح تبدو مطالع الفرح، غير واضحة القراءة، فأثبتنا ما استظهرنا.
موافقا للسجع والمعنى، والله العالم.
[2] في أ: أن يأتيه أمر يهلكه في الليل وهو غافل عنه، وبيتوا العدو: أتوهم ليلا، وقوله (فجاءها بأسنا بياتا) 7: 4، أي ليلا، ويبيت فلان على رأيه: إذا فكر فيه ليلا، ومنه قوله: (إذ يبيتون ما لا يرضى من القول) 4: 108، والاسم: البيات، وقوله: (والله يكتب ما يبيتون) 4: 81، أي: ما يدرون ويقدرون من السوء، وقوله: (لنبيتنه) 27: 49، أي: لنوقعن به بياتا. أي:
ليلا.
[3] من العفة، وهي: الكف عما لا يحل ويجمل من المحارم والأطماع الدنية. اللسان 9: 253 عفف.