الْآرَاءِ وَ خَبْطِ الْعَشْوَاءِ[1] وَ أَعَدَّ لَهُمْ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ فِي الْمَعَادِ وَ قَدْ رَأَيْنَا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ ذَكَرَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ مَا عَاقَبَ بِهِ قَوْماً مِنْ خَلْقِهِ حَيْثُ يَقُولُ- فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وَ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ[2] فَجَعَلَ النِّفَاقَ الَّذِي أَعْقَبَهُمُوهُ عُقُوبَةً وَ مُجَازَاةً عَلَى إِخْلَافِهِمُ الْوَعْدَ وَ سَمَّاهُمْ مُنَافِقِينَ[3] ثُمَّ قَالَ فِي كِتَابِهِ- إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ[4] فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ حَالَ مَنْ أَخْلَفَ الْوَعْدَ فِي أَنَّ عِقَابَهُ النِّفَاقُ الْمُؤَدِّي إِلَى الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ فَمَا ذَا تَكُونُ حَالَ مَنْ جَاهَرَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ ص بِالْخِلَافِ عَلَيْهِمَا وَ الرَّدِّ لِقَوْلِهِمَا وَ الْعِصْيَانِ لِأَمْرِهِمَا وَ الظُّلْمِ وَ الْعِنَادِ لِمَنْ أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالطَّاعَةِ لَهُمْ وَ التَّمَسُّكِ بِهِمْ وَ الْكَوْنِ مَعَهُمْ[5] حَيْثُ يَقُولُ- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[6] وَ هُمُ الَّذِينَ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَادِ عَدُوِّهِ وَ بَذْلِ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِهِ وَ نُصْرَةِ رَسُولِهِ وَ إِعْزَازِ دِينِهِ حَيْثُ يَقُولُ- رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا[7] فَشَتَّانَ بَيْنَ الصَّادِقِ لِلَّهِ وَعْدَهُ وَ الْمُوفِي بِعَهْدِهِ وَ الشَّارِي نَفْسَهُ لَهُ[8] وَ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ وَ الْمُعِزِّ لِدِينِهِ النَّاصِرِ لِرَسُولِهِ وَ بَيْنَ الْعَاصِي وَ الْمُخَالِفِ رَسُولَهُ ص وَ الظَّالِمِ عِتْرَتَهُ وَ مَنْ فَعَلَهُ أَعْظَمُ مِنْ إِخْلَافِ الْوَعْدِ الْمُعْقِبِ لِلنِّفَاقِ الْمُؤَدِّي إِلَى الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهَا.
[1]. الخبط: المشى على غير الطريق، و العشواء: الناقة التي في بصرها ضعف تخبط بيديها إذا مشت لا تتوقى شيئا. و هذا مثل يضرب لمن ركب امرا بجهالة، و لمن يمشى في الليل بلا مصباح فيتحير و يضل، و ربما تردى في بئر أو سقط على سبع.
[2]. التوبة: 77.
[3]. في بعض النسخ« و سماه نفاقا».
[4]. النساء: 145.
[5]. في بعض النسخ« لمن امره اللّه بالطاعة له و التمسك به و الكون معه».
[6]. التوبة: 119.
[7]. الأحزاب: 23.
[8]. المراد من يشرى نفسه ابتغاء مرضات اللّه.