يجدوه فيه احتاجوا إلى القياس و الاجتهاد في الرأي و العمل في
الحكومة بهما و افتروا على رسول الله ص الكذب و الزور بأنه أباحهم الاجتهاد و أطلق
لهم ما ادعوه عليه لقوله لمعاذ بن جبل[1]
و الله يقول- وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ[2] و يقول ما فَرَّطْنا
فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ[3] و يقول وَ كُلَّ
شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ[4] و يقول وَ كُلَّ
شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً[5] و يقول قل إِنْ
أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَ[6] و يقول وَ أَنِ
احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ[7] فمن أنكر أن شيئا من
أمور الدنيا و الآخرة و أحكام الدين و فرائضه و سننه و جميع ما يحتاج إليه أهل الشريعة
ليس موجودا في القرآن الذي قال الله تعالى فيه- تِبْياناً لِكُلِّ
شَيْءٍ فهو راد على الله قوله و مفتر على الله الكذب و غير مصدق بكتابه.
و لعمري لقد صدقوا عن
أنفسهم و أئمتهم الذين يقتدون بهم[8] في أنهم لا
[1]. روى الترمذي و أبو داود مسندا عن معاذ بن جبل
أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لما بعثه الى اليمن قال: كيف تقضى إذا عرض لك
قضاء؟ قال: أقضى بكتاب اللّه، قال: فان لم تجد في كتاب اللّه؟ قال: فبسنة رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: فان لم تجد في سنة رسول اللّه؟ قال: أجتهد رأيى
و لا آلو، قال: فضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله على صدره و قال: الحمد للّه
الذي وفق رسول رسول اللّه لما يرضى به رسول اللّه». و في رواية قال له رسول
اللّه:« فان أشكل عليك أمر فسل و لا تستحى و استشر ثمّ اجتهد، فان اللّه ان يعلم
منك الصدق يوفقك، فان التبس عليك فقف حتّى تثبته أو تكتب الى فيه، و احذر الهوى
فانه قائد الاشقياء الى النار و عليك بالرفق». انتهى.
أقول: ان صحّ هذا الكلام عنه( ص)
لا يدلّ على مدّعاهم لاحتمال أن يكون المراد السعى و الاجتهاد و الفحص في تحصيل
مدرك الحكم بل هو الظاهر من قوله« اجتهد» بعد قوله« فسل و لا تستحى و استشر» فان
من له قوّة الاجتهاد بمعنى المتعارف لا يحتاج الى السؤال و الاستشارة و هذا شأن
المقلّد دون المجتهد.