إن في قول أبي عبد الله ع هذا لمعتبرا و مزدجرا عن العمى و
الشك و الارتياب و تنبيها للساهي الغافل و دلالة للمتلدد الحيران أ ليس فيما قد
ذكر و أبين من مقدار العمر و الحال التي يظهر القائم ع عليها عند ظهوره بصورة
الفتى و الشاب ما فيه كفاية لأولي الألباب و ما ينبغي لعاقل ذي بصيرة أن يطول عليه
الأمد و أن يستعجل أمر الله قبل أوانه و حضور أيامه بلا تغيير و لذكرا للوقت الذي
ذكر أنه يظهر فيه مع انقضائه فإن قولهم ع الذي يروى عنهم في الوقت إنما هو على جهة
التسكين للشيعة[1] و التقريب
للأمر عليها إذ كانوا قد قالوا إنا لا نوقت و من روى لكم عنا توقيتا فلا تصدقوه و
لا تهابوا أن تكذبوه و لا تعملوا عليه و إنما شأن المؤمنين أن يدينوا الله
بالتسليم لكل ما يأتي عن الأئمة ع و كانوا أعلم بما قالوا لأن من سلم لأمرهم و
تيقن أنه الحق سعد به و سلم له دينه و من عارض و شك و ناقض و اقترح على الله تعالى
و اختار منع اقتراحه و عدم اختياره و لم يعط مراده و هواه و لم ير ما يحبه[2] و حصل على
الحيرة و الضلال و الشك و التبلد و التلدد[3]
و التنقل من مذهب إلى مذهب و من مقالة إلى أخرى و كان عاقبة أمره خسرا.
و إن إماما هذه منزلته
من الله عز و جل و به ينتقم لنفسه و دينه و أوليائه و ينجز لرسوله ما وعده من
إظهار دينه عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ حتى لا يكون في
الأرض كلها إلا دينه الخالص به و على يديه لحقيق[4] بأن لا يدعي
[1]. ما قاله المؤلّف في توجيه الخبر غير وجيه، و
ليس في الخبر تعيين الوقت منجزا حتى يحتاج الى هذا التوجيه لئلا يعارض أخبار عدم
التوقيت، و الوجه فيه ما تقدم منا و الا فلا نعلم المراد منه و نرد علمه الى قائله
صلوات اللّه عليه، و لا نحوم حول الفضول.