و توضيحه: أنّ المأمور به ليس هو الوضوء المشتمل على غسل الرجلين، بل نفس غسل الرجلين الواقع في الوضوء، و تقييد الوضوء باشتماله على غسل الرجلين ممّا لم يعتبره الشارع في مقام الأمر، فهو نظير تحريم الصلاة المشتملة على محرّم خارجي لا دخل له في الصلاة.
فإن قلت: إذا كان إيجاب الشيء للتقيّة لا يجعله معتبرا في العبادة حال التقيّة، لزم الحكم بصحّة وضوء من ترك المسح على الخفّين، لأنّ المفروض أنّ الأمر بمسح الخفّين للتقيّة لا يجعله جزءا، فتركه لا يقدح في صحّة الوضوء، مع أنّ الظاهر عدم الخلاف في بطلان الوضوء.
قلت: ليس الحكم بالبطلان من جهة ترك ما وجب بالتقيّة، بل لأنّ المسح على الخفّين متضمّن لأصل المسح الواجب في الوضوء، مع إلغاء قيد مماسّية الماسح للممسوح- كما في المسح على الجبيرة الكائنة في موضع الغسل أو المسح، و كما في المسح على الخفّين لأجل البرد المانع من نزعها-، فالتقيّة إنّما أوجبت إلغاء قيد المباشرة. و أمّا صورة المسح و لو مع الحائل فواجبة واقعا لا من حيث التقيّة، فالإخلال بها يوجب بطلان الوضوء بنقص جزء منه.
و ممّا يدلّ على انحلال المسح إلى ما ذكرنا من الصورة و قيد المباشرة قول الإمام لعبد الأعلى مولى آل سام- [لمّا] [1] سأله عن كيفية مسح من جعل على إصبعه مرارة-: «إنّ هذا و شبهه يعرف من كتاب اللّٰه، و هو قوله تعالى مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. ثم قال: امسح عليه» [2].
فإنّ معرفة وجوب المسح على المرارة الحائلة بين الماسح و الممسوح من آية نفي الحرج، لا يستقيم إلّا بأن يقال: إن المسح الواجب في الوضوء ينحلّ