العدالة ليس إلّا على أصالة العدم، أو أصالة الصحّة، أو قيام الإجماع على أنّ العلم بالملكة المجرّدة طريق ظاهريّ للحكم بتحقّق ذلك الأمر العدمي.
و الحاصل: أنّ الإجماع منعقد- بل النصّ [1]- على أنّه يكفي في الشهادة على العدالة بعد العلم بالملكة أو حسن الظاهر- على الخلاف في معناها- عدم العلم بصدور الكبيرة عنه، و لا يعتبر علمه أو ظنّه بأنّه لم يصدر عنه كبيرة إلى زمان أداء الشهادة.
و على هذا فأحد جزأي الشهادة- و هو تحقّق ذلك الأمر العدمي- ثابت بالطريق الظاهري، و هو مستند شهادته، و من المعلوم أنّ شهادة الجارح حاكمة على هذا الطريق الظاهري، فإنّ تعارضهما إنّما هو باعتبار تحقّق هذا الأمر العدمي و عدم تحقّقه، و إلّا فلعلّ الجارح أيضا لا ينكر الملكة، بل يعترف بها في متن الشهادة.
فالمقام على ما اخترناه- من أخذ الاجتناب عن الكبيرة قيدا للملكة- نظير شهادة إحدى البيّنتين على أنّه ملكه قد اشتراه من المدّعي، تعويلا على أصالة صحّة الشراء، و شهادة البيّنة الأخرى أنّه ملك للآخر مستندا الى فساد ذلك الشراء لوجود مانع من موانع الصحّة. و على القول بكونه مزيلا للعدالة بالدليل الخارجي يكون نظير شهادة إحداهما بملكه لأحدهما، و شهادة الأخرى بانتقاله عنه إلى الآخر.
و كيف كان: فالمعدّل يقول: «إنّه ذو ملكة لم أطّلع على صدور كبيرة منه» و الجارح يقول: «قد اطّلعت على صدور المعصية الفلانية [منه] [2]» فشهادة المعدّل مركّبة من أمر وجوديّ و عدمي، و شهادة الجارح [3] يدلّ على انتفاء ذلك الأمر
[1] انظر الوسائل 18: 292 الباب 41 من أبواب الشهادات، الحديث 13.