الجاهل الّذي علم في الأثناء فلا يستمرّ على ما فعل- على ما ذهب إليه بعض- [1].
الثالث من وجوه تقرير الأصل: أصالة عدم وجوب العدول من الحاضرة إلى الفائتة.
و فيه: أنّه إن أريد أصالة البراءة عن التكليف بالعدول، فلا ريب في أنّ الشك في المكلّف به، لأنّ إتمام الصلاة واجب و إمّا بنيّة الحاضرة أو بنيّة الفائتة، مع أنّ إتمامها بنيّة الفائتة مجمع على جوازه، بل رجحانه إمّا وجوبا و إمّا استحبابا، فالأمر [2] مردّد بين تعيين إتمامها بهذه النيّة، و بين التخيير بينه و بين إتمامها بنيّة الحاضرة، فمقتضى وجوب تحصيل اليقين بالبراءة، نقل النيّة إلى الفائتة.
و إن أريد استصحاب عدم وجوب العدول قبل التذكّر. ففيه: أنّه كان معذورا عقلا لأجل النسيان، و قد زال العذر. و الحكم المنوط بالأعذار العقليّة- كالعجز و النسيان، و نحوهما- لا يجوز استصحابه بعد رفع العذر.
فإن قلت: إنّ المعلوم عدم وجوب العدول حال النسيان، و أمّا كونه لأجل النسيان فغير معلوم.
قلت: لا ريب أنّ النسيان علّة مستقلّة لعدم وجوب العدول، فإذا شكّ في كون عدم الوجوب السابق مستندا إلى هذه العلّة أو إلى علّة أخرى، و هي مشروعيّة فعل الحاضرة مع اشتغال الذمّة بالفريضة الفائتة، فمقتضى الأصل عدم مشروعيّتها حينئذ.
و الحاصل: أنّ الكلام إمّا أن يقع في حكم الناسي بوصف أنّه ناس، و لا شكّ أنّه حكم عذريّ يدور مدار النسيان وجودا و عدما، فلا معنى لاستصحابه
[1] نسبه في المدارك 2: 351 إلى المحقق، و انظر المعتبر 1: 443.