و منها: أنّ هذه الأخبار لو نهضت للدلالة على استحباب الشيء بمجرّد ورود الرواية الضعيفة لنهضت للدلالة على وجوب الشيء بذلك، لأنّ الرواية إذا دلّت على الوجوب فيؤخذ بها و يحكم بكون الفعل طاعة، و المفروض أنّ المستفاد من الرواية كون طلبه على وجه يمنع من نقيضه فيثبت الوجوب.
و قد يجاب بأنّا لم نعمل بالرواية الضعيفة حتّى يلزمنا الأخذ بمضمونها، و هو الطلب البالغ حدّ الإلزام و المنع من النقيض، و إنّما علمنا بالأخبار الدالّة على استحباب ما ورد الرواية بأنّ فيه الثواب، و هذا منه، فيستحبّ و إن كان واجبا على تقدير صدق الرواية في الواقع، و لا تنافي بين وجوب الشيء واقعا و استحبابه ظاهرا.
و الأولى في الجواب هو: أنّا لو قلنا أيضا بحجّيّة الخبر الضعيف بهذه الأخبار فإنّما نقول بحجّيّة في أصل رجحان الفعل دون خصوصيّاته من الندب أو الوجوب، فانّ الواجب فيها التوقّف و الرجوع إلى الأصول العمليّة، كأصالة البراءة، و كم من حجّة شرعيّة يبعّض في مضمونها من حيث الأخذ و الطرح.
و هناك أيضا بعض الاحتمالات الّتي ذكروها في معنى هذه الأخبار، لم نتعرّض لها لبعدها و عدم فائدة مهمّة في ردّها.