عن البيان. و كذا لو اطّلع على أنّ شخصا كان في الزمان السابق مع اتّصافه بحسن الظاهر لكلّ أحد مصرّا على الكبائر يقال: كان فاسقا و لم يطّلع، و لا يقال:
كان عادلا فصار فاسقا عند اطّلاعنا.
فتبيّن- من جميع ما ذكرنا- أنّ هذين القولين لا يعقل أن يراد بهما بيان العدالة الواقعية، و لا دليل للقائل بهما يفي بذلك، و لا دلالة في عبارتهما المحكية عنهما، و لا فهم ذلك من كلامهما من يعتنى به مثل الشهيد و المحقّق الثاني و ابن فهد و غيرهم.
ثمّ الظاهر رجوع القول الأوّل إلى الثالث، أعني اعتبار الاجتناب مع الملكة، لاتّفاقهم و صراحة مستندهم كالنصوص و الفتاوى على أنّه تزول بارتكاب الكبيرة العدالة بنفسها و يحدث الفسق الّذي هو ضدّها، و حينئذ فإمّا أن يبقى الملكة أم لا، فإن بقيت ثبت اعتبار الاجتناب الفعلي في العدالة، فإن ارتفعت ثبت ملازمة الملكة للاجتناب الفعلي.
فمراد الأوّلين من «الملكة الباعثة على الاجتناب»: الباعثة فعلا، لا ما من شأنها أن تبعث و لو تخلّف عنها البعث لغلبة الهوى و تسويل الشيطان، و يوضّحه توصيف «الملكة» في كلام بعضهم بل في معقد الاتّفاق ب«المانعة عن ارتكاب الكبيرة» فإنّ المتبادر: المنع الفعلي بغير اشكال.
و أوضح منه تعريفها- الشهيد في باب الزكاة من نكت الإرشاد-: بأنّها هيئة راسخة تبعث على ملازمة التقوى بحيث لا يقع منها الكبيرة و لا الإصرار على الصغيرة [1] بناء على أنّ الحيثيّة بيان لقوله: «تبعث»، لا قيد توضيحيّ للملازمة.
نعم: يبقى الكلام في أنّ العدالة هل هي الملكة الموجبة للاجتناب أو
[1] نكت الإرشاد، كتاب الزكاة ذيل قوله: و يشترط في المستحقين .. إلخ.