و ليس المراد من غلبة السفر كون زمانه أكثر من زمان الحضر، و إلّا لزم من أقام في بلده عشرة و سافر عشرين يلزمه التمام و هو باطل، بل المراد به تكرر السفر إلى مسافة ثلاث مرات، فإن حكم الإتمام يجب في الثالثة، و لا عبرة بالسفر الى ما دون المسافة فلا يعد في الثلاث.
و لا فرق في اعتبار الثلاث بين من اتخذ السفر حرفة كالمكاري، و عدمه.
و يشترط عدم تخلل إقامة عشرة في بلده مطلقا و في غير بلده بنية، فإن تخللت السفرات الثلاث استؤنف الحكم بعدها و بطل حكم ما مضى، و كذا لو حصلت بعدها فإنها تزيل حكمها. و إلى هذا الأخير أشار بقوله: إلّا أن يقيم عشرا، و لا بد من تقييده بالنية في غير بلده كما عرفت.
و لا يشترط في العشرة التوالي، نعم يشترط عدم تخلل الفصل بينهما بمسافة.
و هذا كله في غير الملّاح الذي أهله معه و سفينته بيته، فإنه لا يسوغ له القصر و إن قصد مسافة و لم يكثر سفره، لأنه غير طاعن، و ينبغي ثبوت ذلك في البدوي و نحوه.
و لو غيّر كثير السفر صنعته فهل يستأنف الحكم؟ فيه كلام ليس هذا موضعه.
و قد اشتملت هذه العبارة الفائقة على أكثر مباحث السفر مع شدة الاختصار و لزوم البلاغة.