التقليد، كما هو الصحيح، و المفيد لذلك قوله: مجتهد، إذ لا يراد به المجتهد بالفعل، لامتناعه، لأن الجزئيات غير متناهية، فلا يمكن وجود الاجتهاد في جميع أفعالها و أحكامها بالفعل، فتعيّن أن يراد به ما هو أعم من الفعل و من القوة القريبة منه، فيحصل ما قلناه.
و: إنما اختار للمجتهد قوله: و فرضه، و للمقلد قوله: و يكفيه، لما عرفت ما بين المرتبتين من التفاوت في المشقة و اليسر، فإن الاجتهاد مقتطع من المشقة، فحاول التنبيه في عبارته على هذا التفاوت، فإن الفرض و الواجب واحد، فكأنه قال:
و فرضه الذي لا يسوغ له العدول عنه كذا، و المقلد يكفيه ما هو أقل من ذلك مشقّة، لقصور المستدعى للتخفيف عنه. و فيه من اللطف ما لا يخفى.
ز: اللام في قوله: عن المجتهد، للعهد الذكري، و المعهود ما قبله بيسير، فكأنه قال:
عن المجتهد المذكور. و يكون فيه إيماء لطيف إلى اعتبار كون المجتهد المأخوذ عنه حيا، فإن ذلك مذهب أصحابنا الإمامية قاطبة، و قد نادوا به في مصنفاتهم الأصولية و الفقهية فأسمعوا من كان حيا، و الأدلة على ذلك كثيرة نبهنا على بعضها في بعض مظانه.
و يرشد إلى ذلك قوله في المعهود: و فرضه، لأن الميت لا فرض عليه، لخروجه عن التكليف. و حينئذ فيعتبر في المأخوذ عنه أن يكون مجتهدا و أن يكون حيا.
و يعلم من قوله بعد: عدالة الجميع، اشتراط عدالته، و يشترط أيضا عدم وجود مجتهد أعلم منه، فيجب الأخذ بقول الأعلم لو وجده، و كذا الأورع لو استويا في العلم، لا إن تفاوتا فيه فالأعلم ليس إلّا، و هذا من الزيادات على العبادة.
ح: و لو بواسطة، يقتضي جواز الرجوع إلى من أخذ من المجتهد و إن أمكن مشافهته، و هو أصح القولين للأصوليين. و لا فرق في الواسطة بين المتحدة و المتعددة، كما صرح به في قوله: أو وسائط. و لو قال بدله: و إن تعددت، لأغنى عنه.