على المتقدمين و المتأخرين، العلامة نصير الملة و الحق و الدين محمد بن محمد ابن الطوسي قدس اللّه نفسه و طيب رمسه و انه كان المتولي لاحوال الملك و القائم باعباء السلطنة، و هذا و امثاله انما يصدر عن أوامره و نواهيه.
ثم انظر الى ما اشتهر من احوال آية اللّه في المتأخرين بحر العلوم مفتي الفرق جمال الملة و الدين أبي منصور الحسن المطهر قدس اللّه لطيفه، و كيف كان ملازمته للسلطان المقدس المبرور محمد خدابنده، و انه كان له عدة قرى و كانت شفقات السلطان و جوائزه واصلة اليه، و غير ذلك مما لو عدد لطال.
و لو شئت أن أحكي من أحوال عبد اللّه بن عباس و عبد اللّه بن جعفر، و كيف كانت احوالهما في دول زمانهما لحكيت شيئا عظيما، بل لو تأمل المتأمل الخالي من المرض قلبه لوجد المربي من العلماء و المروج لأحوالهم انما هم الملوك و اركان دولهم.
و لهذا لما قلت العناية بهم و انقطع توجههم بالتربية اليهم ضعفت احوالهم، و تضعفت أركانهم و خلت اندية العلم و محافله في جميع الأرض.
و ليس لأحد من المتقدمين أن يقول: ان هؤلاء احيوا هذه البلاد و كانت قبل مواتا.
هذا معلوم البطلان ببديهة العقل:
أما أولا فلأن بلاد العراق على ما حكيناه كانت بتمامها معمورة، لم يكن لأحد مجال أن يعمر في وسط البلاد قرى متعددة و ما كان بين القريتين و البلدين في البعد قدر فرسخ الا نادرا، كيف و مجموع معمورها من الموصل الى عبادان ستة و ثلاثون ألف ألف جريب.
و أما ثانيا، فلان عمارة القرى أمر عظيم يحتاج الى زمان طويل و صرف مال جزيل، و هم كانوا بعيدين عن هذا الاستعداد مع هذا التمحلات بعد ما تلوناه عن كلامهم في أحكام هذه الأرضين و احوال خراجها و حل ذلك من التكلفات الباردة