قلنا: المعول في هذا الموضع على غلبة الظنون و قوة الأمارات، فان كان هذا المتولي خليعا فاسقا قد جرت عادته بتورط القبائح و ركوب المحارم و رأيناه يتولى للظلمة، فلا بد من غلبة الظن بأنه لم يتول ذلك مع عادته الجارية بالجرم و الفجور الا لأغراض الدنيا، فيجب منعه و منازعته و الكف عن تمكينه. و ان كانت عادته جارية بالتدين و التصوب [2] و الكف عن المحارم، و رأيناه قد تولى مختارا غير مكره لظالم، فالظن يقوى أنه لم يفعل ذلك مع الإيثار إلا لداع من دواعي الدين التي تقدم ذكرها، فحينئذ لا يحل منعه و يجب تمكينه.
فان اشتبه في بعض الأحوال الأمر، و تقابلت الأمارات و تعادلت الظنون، وجب الكف من منعه و منازعته على كل حالة، لأنا لا نأمن في هذه المنازعة أن تقع على وجه قبيح، و كل ما لا يؤمن فيه وجه القبح يجب الكف عنه.
و نظائر هذه الحال في فنون التصرف و ضروب الافعال أكثر من أن تحصى.
فإنا لو عهدنا من بعض الناس الخلاعة و الفسق و شرب الخمور و التردد الى مواطن القبيحة [3]، و رأيناه في بعض الأوقات يدخل الى بيت خمار، و نحن لا ندري أ يدخل للقبيح أم للإنكار على من يشرب الخمر، فانا لقوة ظننا بالقبيح منه على عادته المستمرة، يجب أن نمنعه من الدخول و نحول بينه و بينه إذا تمكنا من ذلك، و ان جاز على أضعف الوجوه و أبعدها من الظن أن يكون دخل للإنكار لا لشرب الخمر.
و لو رأينا من جرت عادته بالصيانة و الديانة و إنكار المنكر يدخل بيت خمار